سر إعجاز القرآن الكريم

سر إعجاز القرآن الكريم
وها هو عبد القاهر الجرجاني يقول: إن الإعجاز القرآني يأتي من أنَّ الكلمات التي كان يستخدمها العرب قبل الإسلام قد أعطاها القرآن الكريم شكلا جديدا وأكسبها معانٍ جديدة، وأكسبها جنسية جديدة، بمعنى أنه من الممكن أن تكون هناك كلمات كانت سارية جارية على ألسنة العرب، مثل قوله تعالى: {أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46]، والناس إلى الآن في الرِّيفِ لا زالوا يقولون: (أدهى وأمر)، وهذا معناه أنَّ هناك كلماتٍ دارجةٍ في المجتمع العَرَبي، والقرآن نَزَلَ بلسانٍ عربيٍ مبينٍ، والقرآنُ الكريم كَانَ يأتي بالكلامِ من كَلامِهم، ويُدخله في سِيَاقٍ مُخْتَلِفٍ.
نظرية الصدمة
ولو أنَّ الله تعالى أراد أن يُعجِّز العرب لجاء لهم بكلامٍ لا يفهمونه، وحينها تنشأ الصدمة، أو ما يسمى بنظرية الصدمة، وهي أن تأتي للإنسان بكلام لا يفهمه ولكن القرآن الكريم – وهذا من إعجازه - أتى بكلام كان يسري بين العرب أنفسهم وفي مكة بالذات، وفي قريش وبلغة قريش، ثم يُكسبها القرآن ثوبا جديدا ومعانٍ جديدة عما كان عليه الشعر الجاهلي، وقد جاء عبد القاهر الجرجاني بأمثلة كثيرة تؤكد هذا الأمر وهو أن العرب كانوا يستخدمون كلمات، ثم أخذها القرآن وأكسبها معانٍ جديدة وألبسها ثوبًا جديدًا، مثل كلام العرب حول الشيب الذي يأتي إلى شعر الإنسان عندما يتقدم سنّه.

وقد ظلّ عبد القاهر الجرجاني يستعرض ما ورد في الشيب في الشعر العربي، وقال انظروا إلى ما قالوه عن الشيب، ثم نجد عبد القاهر الجرجاني يعدد أقوال الشعراء في الشيب فيذكر أشعار امرؤ القيس، والنابغة والحطيئة وزهير وغيرهم، ثم بعد هذا كله، يأتي بما جاء بالقرآن الكريم عن الشيب، يقول تعالى: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ [مريم:4]، وهذا كلام جميل أن يأتي القرآن الكريم بألفاظ عربية غير تلك الموجودة في لغة العرب، وهكذا فإن القرآن كان يصدمهم بالكلمات وتراصفها بجوار بعضها البعض ومعانيها الجديدة، وحاشا أن يقوم الله عز جل بتعجيز عباده عن طريق إتيانه بكلام لا يفهمونه بالعكس أنزل عليهم القرآن بلغتهم العربية، ولكنه أكسبه جدة ومعان جديدة لم يكونوا على علم بها ولم يتصوروها.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض