رحلة الراشد (84) العقيدة الأخروية عند الراشد لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

الرئيسية المقالات مقالات دينية

رحلة الراشد (84) العقيدة الأخروية عند الراشد لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي


بسم الله الرحمن الرحيم

الكلام عن العقيدة الأخروية عند كل مسلم هو جزء من العقيدة الأساسية الراسخة الثابتة

فالإيمان باليوم الآخر جزء ركين من حياة المسلم، (وبالآخرة هم يوقنون)  والآخرة عند المسلم هي يقين مطلق لا يتعداه إلى حتى الإيمان

 والآخرة لها مراحلها ما بين قبر وبين حياة برزخية بين القبر وبين الساعة ما بين النفخ في الصور ما بين الحشر ما بين النشر ما بين العرض ما بين الحساب ما بين الجنة ما بين النار إلى آخر مرحلة يستقر فيها المؤمنون وهي النظر إلى وجه الله الكريم جل جلاله

هيا بنا بعد أن استعرضت المراجع كلها التي تناولت العقيدة الأخروية عنده خلصت إلى ما يلي:

اليقين في نعيم القبر وعذابه لأن بعض الناس ينكرون نعيم القبر وعذابه، لكنه رضي الله تعالى عنه يقول لرجل قرأت البارحة سورة ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر

 فكم عسى الزائر يلبث عند المزور حتى ينكفئ إما إلى جنة وإما إّلى نار، وخطب الناس فقال: ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين

 وفي بيوت الميتين وفي دور الظاعنين جيران كانوا معكم في الأمس أصبحوا في دور خامدين بين آمن روحه إلى يوم القيامة وبين معذب روحه إلى يوم القيامة

وهنا يشار إلى نعيم القبر وإلى عذاب القبر، وهذه العقيدة التي عليها أهل السنة والجماعة، وخطب عمر بن عبد العزيز يعظ الناس

 وتلاحظ هنا ملحوظة أن معظم المواعظ العمرية قريبة الحال من مواعظ الإمام الكبير الحسن البصري في كل يوم تشيعون غاديا إلى الله ورائحًا قد قضى نحبه وانقضى أّجله ثم تغيبون في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد يعني القبر يعني

قد فارق الأحباب وخلع الأسلاب وواجه الحساب، وسكن التراب مرتهنا بعمله غنيا عما ترك في الدنيا فقيرا إلى ما قدم

خطبة منبرية مزلزلة، يعني الرجل لو صعد المنبر وقال   هذه الجملة التي قلتها لك الآن تعتبر خطبة منبرية كافية

اسمحوا لي أن اعيدها إليكم لمن أراد أن يكتبها.

في كل يوم تشيعون غاديا، يعني ميتا إلى الله، ورائحًا، مسافر، قد قضى نحبه، يعني حان أجله وانقضى أجله

 ثم تغيبونه في صدع من الأرض يعني اللحد أو القبر، غير موسد ولا ممهد يعني اللحد ده أو القبر مش مبني بالرخام ولا بالسيراميك ولا مترفق حتى، قد فارق الأحباب، وخلع الأسلاب، يعني الدنيا

 وواجه الحساب، وسكن التراب، مرتهنا بعمله، غنيا عما ترك، فقيرا إلى ما قدم، ويقف على قوله تعالى: (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا)

ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب

ويرى رضي الله عنه كما يرى أهل السنة والجماعة أن هذه الآية دليل على ثبوت نعيم القبر وثبوت عذاب القبر

وهناك تفاصيل نحب أن نستغرق فيها أو لا نحب، وهي: هل العذاب للروح أم للجسد؟ هل السؤال للروح أم للجسد؟ هذه الأسئلة تكلمت عنها في برنامج الحياة البرزخية

 ويبدو لك ما يلي: أن العذاب والنعيم في القبر للروح والجسد معا، وأثبت عمر  بن عبد العزيز هذا الكلام بالأدلة من كتاب الروح للإمام الكبير العلامة ابن القيم

أيضًا، الموضوع الثاني في محاضرة اليوم هي الإيمان بالحساب، والفصل بالقضاء، دي قضية ثابتة عند الخليفة الراشد

خطب الناس فقال: أيها الناس، إنكم لم تخلقوا عبثا ولم تتركوا سدى وأن لكم موعدا ينزل الله تعالى فيه للحكم فيه والفصل بينكم

كتب إلى عدى بن أرطأة: أما بعد، فإني أذكرك ليلة تمخض بالساعة وصباحها القيامة فيالها من ليلة وياله من صباح كان على الكافرين عسيرا

الكلام الذي يقوله الخليفة الراشد يوضح لك اليقين الكامل لحدوث الساعة والحساب والقضاء، وأن الله سبحانه وتعالى يفصل بين الناس بنفسه

أنا أستعرض عناصر رئيسة، أما التفاصيل في هذا الموضوع بالذات تكلمت عنها في الخمس أجزاء من برنامج الحياة البرزخية

الحياة البرزخية تؤكد أحكاما لا بأس بها

 (إن الساعة آتية لا ريب فيها)

(إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى)

(لا ريب فيها)

 (ولله ما في السموات والأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى)

(أفحسبتم أنما خلقناتكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون)

 وكل هذه المعاني الجميلة عرفها لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام.

العنصر الثالث: الإيمان بالميزان: خطب عمر فقال: إن لكل سفر زادًا لا محال، أعوذ بالله تعالى أن أمركم بما أنهي عنه نفسي فتخسر صفقتي وتظهر عولتي وتبدو مسكنتي في يوم يبدو فيه الغنى والفقر والموازين فيه منصوبة، وهو هنا يستأّنس بقوله تعالى

(ونضع الموازين القسط يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئًا)

 ثم يقول: واتقوا يوما لا يخفى فيه مثقال ذرة في الموازين، يعني كل أعمالك تظهر في الميزان الذي يملأ ما بين السماء والأرض.

يقول احد المرافقين له: رأيت عمر بن عبد العزيز يتلو على المنبر هذه الآية (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة)

 فوجدته من خشية الآية بعد أن ختمها مال بأحد شقيه يوشك أّن يقع، أي أن الآية زلزلته

(ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئًا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين)

والقرآن تكلم عن الميزان: فمن ثقلت موازينه

 وقال: ومن خفت موازينه. وقال حبيبكم صلى الله عليه وسلم: «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) كلام جميل وترتيب قرآني جميل

وقد ثبت أن لكل نبي حوضا واختلف في مكان الحوض، أما النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: ومنبري على حوضي

 وورد في صحيح البخاري: أن الناس يأتون على حوض النبي بعد الميزان.

الإيمان بالحوض معتقد أهل السنة والجماعة ومعتقد الخليفة الراشد رضي الله عنه وأرضاه.

سنأخذ بعض التفاصيل عن الإيمان بالحوض، كتب عمر بن عبد العزيز إلى صاحب دمشق يعني المحافظ أن سل أبا سلام عما سمع  من ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحوض

فإن كان يثبته فاحمله على مركبة من البريد، يعني بيسأل ما الذي صح من أحاديث النبي حول الميزان؟

فرد عليه ثوبان بهذه الرسالة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن حوضي من عدن  إلى عمان البلقاء ماءه أشد بياضا من اللبن. الله. وأحلى من العسل

وأكوابه عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لن يظمأ بعدها أبدا، أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين

 الحديث ورد بروايات عديدة. حديث صحيح. حديث ثوبان حديث مشهور.

اسمحوا لي أن أمتعكم ونفسي بهذا الحديث.

قال صلى الله عليه وسلم وآل وصحبه الكرام: إن حوضي من عدن إلى عمان البلقاء، اختلف في عمان، هل هي عمان الأردن أم عمان سلطنة عمان؟ في الغالب عمان الأردن، الروايات اللي معايا بتقول كدة

ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، وأكوابه عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لن يظمأ بعدها أبدا، أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ويعتز عمر بن عبد العزيز بهذا الحديث الذي أورده الإمام البخاري وشرحه ابن حذر في الفتح

 عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن رجال منكم ثم لا يختلجن دوني فأقول يارب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك

ومن زعم بعدم وجود الحوض فلا سقاه الله منه هكذا يقول السلف الصالح، أيها السادة أحاديث الحوض متواترة

ربما الخلاف في مسافته في مساحته أين يكون؟ هل هو من عدن وعمان؟ ولا من صنعاء والمدينة؟ ولا المدينة وعمان؟ يعني التفاصيل بس في المكان في المساحة في المساحة، أما الحوض فإنه موجود

 عندنا رواية في البخاري تانية لم يوردها المصنف هنا وحوضي على منبري. صلى الله عليه وسلم.

وصلنا بعد الحوض إلى الصراط، كتب عمر   بن عبد العزيز إلى أخ له، كلمة أخ له يحتمل أخ في الرضاعة أخ في النسب أو أخ في الله: يا أخي إنك قد قطعت عظيم الصف يعني في الحياة وبقي أقله

 فاذكر يا أخي المصادر والموارد، الموارد يعني إيه: وإن منكم إلا واردها، وقد أوحي إلى نبيك صلى الله عليه وسلم في القرآن أنك من أهل الورود ولم يخبر أنك من أهل الصدور والخروج، يعني القرآن أتكلم عن ورود  الناس للحساب، طب اما يطلع من الحساب شكله إيه؟

 وإياك أن تغرك الدنيا، فإن الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا، ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا)

وقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة» فقالت حفصة بنت سيدنا عمر يا رسول الله: أليس الله تعالى يقول وإن منكم إلا واردها

 فقال أم تسمعي قوله تعالى: ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا)

وقال تعالى عن فرعون: (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود)

 يعني بئس المدخل الذي يدخل منه آل فرعون يوم القيامة.

هل الصراط خاص بالمؤمنين ولا بغير المؤمنين؟

يقول عمر محذرًا أخاه بالمرور على الصراط، أي أن الصراط خاص بالمؤمنين والموحدين من أتباع الرسل

لتمييز حالهم عند الله سبحانه وتعالى، فماذا عن يقينه بالجنة والنار؟ يقول مسلمة بن عبد الملك أخو فاطمة بنت عبد الملك

 مسلمة إنه كان يغزو بجيش المسلمين في الروم وتركه أخوه سليمان هناك، فلما تولى عمر أرجعه

 فمسلمة كان قريبا من سيدنا عمر، فكان يدخل ويخرج ويطلع ويخرج وهكذا، فمسلمة بن عبد الملك يقول بكى عمر بن عبد العزيز فبكت فاطمة زوجته فبكى أهل الدار

لا يدري هؤلاء ما ابكى هؤلاء، فلما سكتوا قالت فاطمة ما أبكاك يا عمر؟ فقال: ذكرت منصرف القوم من بين يدي الله عز وجل، ذكرت منصرف القوم من بين يدي الله عز وجل فريق في الجنة وفريق في السعير، ثم صرخ وغشي عليه.

الروايات هنا في هذا الموضوع كثيرة جدا منها أيضًا كان عمر بن عبد العزيز يوما ساكتا وأصحابه يتحدثون

فقالوا له: ما لك لا تتكلم يا أمير المؤمنين؟ فقال كنت مفكرًا في أهل الجنة كيف يتزاورون فيها ومفكرا في أهل النار كيف يصطرخون فيها، ثم بكى

وقبل أن يكون أمير المؤمنين كان أميرا على المدينة، وبينما كان أميرا على المدينة قرأ عنده رجل هذه الآية

(وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا لا تدع اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثير)

فبكى حتى غلبه البكاء على نشيجه، فقام من مجلسه فدخل بيته وتفرق الناس.

كما تلاحظ سلمك الله تعالى وأحبك موضوع البكاء من خشية الله مرتبط بالعقيدة إن عنده عقيدة بالآخرة

 وكان يخطب ويقول: أما تعلمون أيها الناس أنه ليس بين الجنة والنار منزلة وانتم سائرون إلى أحدهما؟

وذكر الفضيل بن الربيع هذه القصة: سمعت فضيل بن عياض: قال: بلغني أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز شكى إليه

 فكتب إليه عمر يا أخي اذكر طول سهر أهل النار مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء

فلما قرأ الرجل الكتاب لم يتحمله، وطوى البلاد حتى قدم عمر، فقال حلني من هذا الأمر، فقال: ما أقدمك؟

 قال: خلعت قلبي بكتابك، لا أعود إلى ولاية أبدا حتى ألق الله تعالى. يعني الإمام التقي يورث الناس التقوى حتى يحبوا لقاء الله

(ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى)

 وفي الصحيح من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة يعني صباحا والعشي يعني عصرا، فإن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فهو من أهل النار، يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله تعالى)

وعن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأيم الله وأيم الذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا وبكيتم كثيرا فقالوا وما رأيت يا رسول الله، قال رأيت الجنة والنار»، اليقين هنا عند الخليفة الراشد يقين عالي جدا

أيها الناس، أيها المسلمون، الحديث أو الكلام عن اليوم الآخر كلام حلو، (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) أي أنه يؤمن مع أهل السنة والجماعة أن المؤمنين سيشاهدون الله يوم القيامة

(للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) قالوا وما الزيادة يا رسول الله: قال إذا دخل أهل الجنة الجنة

 ودخل أهل النار النار ينادي مناد: يا أهل الجنة: إن لكم عند الله تعالى موعدا يريد أن ينجزكم، فقالوا: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تثقل موازيننا؟ ألم تجرنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فينظر إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل

 أما الكافرون فإنهم محجوبون (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته

   

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض