توجد دروس وعظات داخل الشر تُعَلِّم الإنسان
يقول الشاعر
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
أي أن هناك أسرارا كثيرة في الحياة ربما تكون دروسًا أو عظات، وهي دروس وعظات داخل الشر تُعَلِّم الإنسان، كمثل أن يكون إنسانا مريضا بالرئتين، ويكح بشدة، ويقول الطبيب له: لو أنك دخنت ستموت، ورغم هذا فإنه يدخن، ويموت، وهذا – إذن – هو الشر المحض أي أن واحدًا يختار طريق شر، ويدرك أنه شر، وكمثل من يقود سيارة وهو نائم، إذن فهناك عوامل بشرية تؤدي إلى إحداث الشر.
أحبابي الكرام، إن الملاحدة يطلقون تساؤلا آخر، وهو إن كان الله رحما، فلماذا لا يمنع حدوث الشر رغم كونه شرا محضًا؟ أي شر بنية الشر، كمثل إنسان قام برفع السكين، وقام بقتل إنسان آخر متعمدا، فهذا هو شر محض، ولماذا لم يمنعه الله من قتل الآخر؟
ولماذا لم يمنع ربكم حدوث الحوادث المتتالية، والكوارث المتتالية في السيارات والاصطدامات، وخروج القطارات عن القضبان، وسقوط الطائرات في البحار وموت الناس بالمئات وبالآلاف والسفن التي تأخذ الشباب في هجرة غير شرعية، والبحر يبتلع منهم المئات والمئات في لحظة واحدة، ورغم ذلك فإن ربكم أيها المسلمين يقف متفرجا ولا يفعل شيئا، فكيف يكون ربا وكيف يكون إلها؟!
أحبابي الكرام، إن العقيدة الإسلامية تقول: إذا سلمت لله بالملك، وإذا سلمت لله بالقدرة، وقال لك الملك: ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير؟ وأنت قلت (بلى) فإن القضية تكون قد انتهت تماما، وهذا معناه أن هذا هو القضاء والقدر بمعنى أننا لو قلنا: إن سقوط طائرة في البحر معناه شيء واحد، وهو أن َّهؤلاء الناس الذين سقطت بهم الطائرة قد انتهى أجلهم، وهنا تكون القضية قد انتهت.
أما الملاحدة لو سألَوا وقالَوا: لماذا لم يمنع ربكم أيها المسلمون إسقاط الطائرة؟ فسأقول لهم: إنَّ الله قادر على أن يمنع سقوط الطائرة جل جلاله ولكن جميع الرُّكاب الورقة التي تحمل أعمارهم وقعت، وجميع ركاب هذه الطائرة كانوا سيموتون في هذه اللحظة حتى ولو لم تسقط الطائرة، كانوا سيموتون في هذه اللحظة حتى ولو كانوا في بيوتهم؛ فَأَجَلُ من هم بالطائرة قد حان قطافها؛ فقد انتهت رحلة الحياة؛ لأنهم كانوا سيموتون لا محالة، وهذا هو المفهوم الإسلامي في العقيدة الإسلامية أنَّ من إنسان يموت وقد انتقص من عمره حتى ولو ساعة واحدة فقط أو ثانية واحدة فقط.