خطبة الجمعة "53" انشق القمر لفضيلة الأستاذ الدكتور / أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

الرئيسية المقالات مقالات دينية

خطبة الجمعة "53" انشق القمر لفضيلة الأستاذ الدكتور / أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

خطبة الجمعة "53" انشق القمر

لفضيلة الأستاذ الدكتور / أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

الحمد لله رب العالمين، أنت رجاؤنا، وأنت غايتنا، أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا، وأنت خير الغافرين، {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)}.

وأشهد أن لا إله إلا الله ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، سيرته خير السير، وعترته، خير العتر، وعلى آله الطيبين، وصحابته الغر الميامين.

هذه الخطبة الثالثة والخمسون، بعنون: انشق القمر، نتحدث في هذه المعجزة التي أيد بها الله رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، والآيات الكونية حجة دامغة للكفار قبل المؤمنين، خاصة عندما نتجادل معهم، أنكر الملاحدة انشقاق القمر، وإني أتحين هذه الفرصة أن أرد بالأدلة والبراهين المدعمة بالشواهد العلمية على حدوث انشقاق القمر قبل ألف وأربعمائة وخمسين عاما.

خواتيم سورة النجم وأول سورة القمر

في ترتيب المصحف تختم سورة النجم، وبعدها تبدأ سورة القمر، وختام سورة النجم معجزة، وبداية سورة القمر معجزة هزَّت العالم كله.

{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا }

 انشقاق القمر معجزة أيد الله تعالى بها سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، والقرآن ختم سورة النجم بالسجود، فاسجدوا لله، والعلة بالسجود هنا الشكر على نعمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى نعمة انشقاق القمر التي أذهلت العالم كله أيامها.. {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا }.

لماذا انشق القمر لسيدنا صلى الله عليه وسلم؟

لما أسلم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله، وكان إسلامه زلزالا كبيرا، لأن الإسلام تقوى بإسلام سيدنا عمر وإسلام سيدنا حمزة، فاغتاظ أبو جهل من إسلام سيدنا حمزة، فقال: ادع ابن أخيك يأتينا بآية.

فطلبوا أن ينزل القمر وينشق إلى نصفين، نصف على جبيل أبي قبيس، ونصف على جبل قعيقان، فقال النبي: أوتؤمنوا؟ قالوا: نعم، فقال: اجتمعوا ليلة كذا، فاجتمعوا قرب البيت الجرام، فنزل القمر وانشق إلى نصفين، واستمر ما يقرب من ثلاث إلى أربع دقائق، ثم التحم وعاد إلى مداره كما لو لم يكن قد انشق.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا بنزول القمر، فلم يقولوا: شهدنا، ولم يقولوا: آمنا، والكفر ملة واحدة.

اشترط الكفار على سيدنا صالح أن يخرج لهم آية، ومعها فصيلها، فدعا الله سبحانه وتعالى، فإذا بالصخرة تنفلق وتخرج منها الناقة، فقتلوها وغدروا بها.

ومع سيدنا عيسى، قال تعالى: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112)}.. {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114)}.

 ما حدث مع سيدنا صالح، هو الذ ي حدث مع سيدنا عيسى، وهو الذي حدث مع سيدنا محمد، {وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}، فوصفوا النبي صلى الله عليه وسلم أنه ساحر.

وليس هذا فقط، هناك معجزة أخرى كبيرة، بعدها بشهر، فوجئ الناس في مكة بوفد من بلاد الصين والهند، قد شاهدوا انشقاق القمر، فأبلغوا ملوكهم بذلك فدخلوا في الدين الله تعالى.

المعجزة الباقية

في لقاء تليفزيزني أمريكي استضافزوا ستة من علماء الفضاء، وجدوا معجزة عندما صعدوا إلى القمر، قال كبيرهم: وجدنا القمر كان مشقوقا نصفين، على مسافة 160 كيلو مترا، كأنه قديما قد انشقّ ثم التحم، فقال المذيع: وماذا أولتم هذا؟ فقال: أن القمر نزل وانشق وأحدث معجزة ثم عاد مرة أخرى، فأخذوا يسألون حتى علموا أن هذه المعجزة قد حدثت لنبي الإسلام فدخلوا كلهم في الإسلام.

يقول القرطبي: لم ينشق القمر مرة واحدة، بل انشق مرتين.

ورغم هذا فإن هذه المعجزات لا زال يجحدها الجاحدون، وينكرها المنكرون، كما قال عز وجل: ﴿ وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾.

أي أن الله سبحانه وتعالى كما قال لملك: ويريكم آياته، ورغم هذا فإنهم لشدة كفرهم لم يؤمنوا بها، والله تعالى يقول: "ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون".

كل هذه الآيات العظيمة دلت على قرب الساعة، وبعد هذا الحدث العظيم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة طويلة لم يخطب مثلها، قرأ لهم التاريخ كله..

أورد ابن كثير هذه التفاصيل في كتاب يتكلم عن البداية والنهاية، وبعد أن اقترب أن ينتهي النبي صلى الله عليه وسلم من الخطبة، قال صلى الله عليه وسلم: ما بقي على أذان المغرب من الوقت قدر ما بقي من عمر الزمان حتى تقوم الساعة.

هذا الموضوع يحكي لنا قصة معجزة، والمعجزة عندما تكون باقية لا يجحدها إلا من كان حاقدا على الإسلام.

يقول تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)}.

لكن الله تعالى إذا أراد أمرا سبَّب له الأسباب، وكانت هذه المعجزة الباقية لسيدنا صلى الله عليه وسلم تردّ على الكفار والملاحدة، ومع ذلك يقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستطع أن يستجيب لطلبات الكفار.

{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)}..

الخطبة الأخرى

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، وغياث المستغيثين، من تكلم سمع نطقه، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات يؤوب إلى رحمته الواسعة، والصلاة والسلام على صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وصاحب الشفاعة العظمى، خير الداعين إلى رب العالمين، وخير الموقعين عن رب العالمين، "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)".

رغم أن الكفار لم يؤمنوا بالآيات، ولكنهم أيقنوا أن النبي على حق، لأنه يستحيل عقلا أن القمر ينزل وينشق من نفسه إلا إذا كان الله تعالى مؤيدا رسوله، وكل معجزات الأنبياء عظيمة، ولكن هذه المعجزة فاقت كل معجزات الأنبياء، لأن القمر ينزل وينشق في مكان معين كأنه عاقل، ويرجع مداره الطبيعي دون أن يتغير كأنه عاقل، فلا يقدر على هذا إلا الله، ورغم أنهم شاهدوا هذا أمامهم لم يقولا: أشهد أن لا إلا الله، لكنهم أيقنوا أن الله تعالى قادر على أن يؤيد رسوله بكل المعجزات.

دعاء التأييد من الله رب العالمين

يا سامع كل نجوى، يا كاشف كل بلوى، يا ذا العرش المجيد، يا فعالا لما يريد، يا من ملأ نوره أركان كونه، يا من له الأسماء الحسنى، والصفات العلى، يا أكرم الأكرمين، يا رجاء السائلين أيدنا يا الله، وانصرنا يا الله، وأعنا يا الله،  وقونا يا الله، ولا تسلط الظالمين علينا، ولا الشياطين علينا، وافتح لنا ولكم ألف باب من أبواب الفرج، فرجها على أمة حبيبك، وأيد أمة حبيبك، وانصر أمة حبيبك، وقوِّ أمة حبيبك، يا معين أعنَّا، يا قوي قونا، يا شافي اشفنا، من لنا غيرك يا الله؟ كلما ضاقت الحياة علينا نقول: يا الله، كلما تشتدُّ الأيام علينا نقول: يا الله، بك نستجير فأجرنا، بك نستعين فأعنا، بك نتقوى فقونا، مددنا أيدنا إليك، أنخنا مطايانا بين يديك، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، من يعيننا غيرك؟ من يؤيدنا غيرك؟ من ينصرنا غيرك؟ يا ذا العرش المجيد يا فعالا لما يريد، في جمعة الفرج اجعلها جمعة الفرج، أعطنا الخير كله، واصرف عنا الشر كله، بتأييد منك يا الله، هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)

أقسم بك عليك يا الله، يا سامع كل نجوى، يا كاشف كل بلوى، وأنت تعلم حالنا وترى مكاننا ولا يخفى عليك شيء من أمرنا، فأعنا على ما كلفتنا، واستعملنا ولا تستبدلنا، وكن لنا عونا وسندا، وناصرا وظهيرا، إلهي سيدي مولاي، أغلقت الأبواب إلا بابك، وأنت الفرج كله، وأنت الحب كله، وأنت العون كله، وإليك يرجع الأمر كله، ففرجها علينا وعلى من كلفونا بالدعاء، وعلى كل المهمومين، والمكروبين، والمرضى ومن اشتدت علتهم وعجز طبيبهم ولم يجدوا بابا إلا بابك، ولا جنابا إلا جنابك، {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75)}.

 

 

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض