جدد قلبك (3) القلب الرابحي لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي الكبير

الرئيسية المقالات مقالات دينية

جدد قلبك (3) القلب الرابحي لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي الكبير


معنى جدد قلبك اي ابحث عن قلوب صادقة، عن قلوب مخلصة، عن قلوب زهدت في الدنيا، وذابت عشقا في الرحمن، ومنهم، صحابي جليل هو صهيب الرومي، رضي الله تعالى عنه
صهيب هذا كان من الروم وكان الناس قديما من كل أنحاء العالم المعروف يأتون إلى مكة
بعضهم كان مسيحيًا بعضهم كان وثنيًا، لذا مكة هي أم القرى، فأتى صهيب الرومي
الروم يعني تركيا، زمان يعني، تركيا وما بعدها من اليونان وقبرص ومالطا وأوروبا يعني
فكان الرومي تعبير عن أوروبا من أول تركيا إلى إسبانيا
صهيب أتى عبر الشام وعبر فلسطين واستقر في مكة
وفي كانت فيها أحياء، أحياء الأحابيش، أحياء الروم، أحياء الفرس، لأنها كانت من قدم التاريخ، يأتي الناس إليها من أول ما جاءت قبيلة جرهم واستوطنت البيت الحرام
صهيب الرومي كان من المستضعفين لعدم وجود أهل له، ولا عصبية ولا قبيلة ينتمي إليها بخلاف أهل مكة عبارة عن عصبيات وقبائل، وصهيب هذا اشتغل في تجارة الذهب
ويبدو أنه كان مجتهدا في هذا الموضوع عندما كان في بلاده قبل هذا، فاجتهد فتوسعت تجارته
وصار من أكبر تجار الذهب والمجوهرات في مكة، وآمن بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوذي كما أوذي الصحابة رضي الله عنه
{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ}
أيها المسلمون:
صهيب الرومي كان يسمى أبا يحيى، كان له ابن اسمه يحيى، فلما أراد أن يهاجر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم استوقفه أهل مكة: أين تذهب يا صهيب؟
قال أريد أن أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له جئتنا صعلوكا فأغنيناك، جئتنا قليلا فكثرناك، جئتنا طريدا فآويناك، وأنت الآن أصبحت صاحب تجارة ومال وكذا
فقالوا لك أن تلحق محمد على أن تتخلى عن كل شيء، لا تخرج إلا بجلبابك هذا، ومحلاتك ومجوهراتك وذهبك ومالك تسلمه لنا، أو تجلس معنا على ما كنت عليه من قبل
قال بل أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وخذوا كل ما عندي، هذا هو القلب الزاهد في الدنيا الذي أبحث عنه الآن في برنامج جدد قلبك كي يكون على قلب صهيب الرومي
فقالوا سلم ما عندك من مال لتكون على الحالة الصفرية وتخرج إلى محمد صلى الله عليه وسلم. فنزل فيه قوله تعالى في صهيب وأمثاله
"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ"
هذه الآية تعكس الحالة المعنوية التي كان عليها صهيب، أنه تخلى عن كل شيء ابتغاء مرضات الله وعلم وأيقن كما نوقن جميعا أنه من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرا منه
ربح البيع أبا يحيى، قابله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على مشارف المدينة مرحبا به، وقال له ربح البيع
لذا سميت درس اليوم القلب الرابحي، يعني القلب الرابح القلب الفائز برضوان الله، القلب الذي رمى الدنيا خلف ظهره، ولم يتخلى الله عنه
لأنه لم يتخلى عن الإسلام، وجعل الله قبل كل شيء
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
اجعل الله أولاً يا صاحب القلب الطيب أيها المسلم، فإذا جعلت الله أولا كان قلبك رباحي، كان قلبك رابحا، كان قلبك فائزا مع الفائزين
فلما قابله النبي صلى الله عليه وسلم اعتنقه وقال له ربح البيع ربح البيع أبا يحيى، لقد تاجرت مع الله، أعطيتهم مالك وتجارتك الرابحة لكي يربحوا بها في الدنيا مع الشياطين وكي يلهو بها مع اللاهين
أما أنت فقد دخلت في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}
صبروا وعلى ربهم يتوكلون، أنه منهم، لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات
إن الله تعالى أيها السادة الكرام، أخلف عليهم وعوض عليه أضعاف أضعاف ما كان يملك من مجوهرات وذهب في مكة
الآن أصبحت الدنيا تحت قدميه، وأصبح قلبه معلقا بالله رب العالمين، وأخذ صفة الرضا
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
وهكذا أيها المسلمون: كل من تخلى عن سفاسف الدنيا وتعلق بمعالي الأمور، ونافس مع المتنافسين وتسابق مع المتسابقين دخل فيمن قال عنهم رب العالمين
"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ"
والذين قال الله عنهم أمثال أبي يحيي ربح الله أبا يحيى
{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} .
وهكذا استمتعنا اليوم مع القلب الرابح مع القلب الرابحي الذي يدخل في قوله تعالى: {( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض