بسم الله الرحمن الرحيم
بفضل الله تبارك وتعالي الدرس التاسع والستون بعد الأربعمائة، إذا كنت مصحصحًا معنا مصليا علي النبي صلى الله عليه وسلم.
مشاهدينا الكرام هيا بنا نركب سفينة الإبداع والتألق والتأنق مع هذه الموضوعات الجديدة جدًا على مسامع حضراتكم، لو أخذنا مثلا المتشابهات في القصة القرآنية سنأخذ سيدنا موسى ممكن غدًا نأخذ سيدنا إبراهيم.. وهكذا، لماذا سيدنا موسى؟ لأن سيدنا موسى جاءت قصته في خمس سور كل سوره متشابهة مع الثانية في اللغة، أما الموضوعات فالمحتوى مختلف تماما تمامًا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً } [البقرة: 67].
قصة البقرة لم تأت إلا في سورة البقرة، ولم تتكرر ولم يتكرر الحوار الذي دار بين سيدنا موسى وبين الفرعون الحوار المستطيل المستفيض، { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } [الشعراء: 18، 19]، الحوار الطويل لم يأتِ إلا في الشعراء الحوار المختصر أتى في سورة طه بداية سيدنا موسي الولادة ولد أين؟ سيدنا موسى، وماذا حصل مع والداته؟ جاء في سورة القصص ولم يتكرر أنا بشرح لك أن كل سورة معنية بمراحل معينة في حياة سيدنا موسى، فسيدنا موسى مع الخضر آخر مرحلة في حياة سيدنا موسى جاءت في سورة الكهف، ولم تتكرر قصة سيدنا موسى مع بني إسرائيل في سنوات التيه جاءت في سورة المائدة ولم تتكرر.
قال تعالى: { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } [المائدة: 26]، كلمة سنة تأتي في القرآن على نمطين مرة يقول: سنة ومرة يقول: عام، فإذا قال: سنة فتكون سنة قحط وجدب وسنة سوداء، وإذا قال: عام فهذا يعم فيه الرخاء، {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49]، أما قصة سيدنا موسى بعد أن عاد إلى قومه فوجدهم يعبدون العجل من دون الله وأن سيدنا موسى ألقى الألواح، فهذه لم تأتِ إلا في الأعراف، قصة إلقاء الألواح ثم جمع الألواح مرة أخرى لم تأتِ إلا في الأعراف.
قصة سيدنا موسى لما رجع من جبل الطور دون ذكر الألواح موجودة في سورة طه، وبهذا أخذنا كم سورة؟ أخذنا حوالي عشر سور، لما نبدأ في تحليل هذا الكلام تحيلا قرآنيا وأسمعك ستجد إعجازا غريبا جدا، سنأخذ مثلا قصة سيدنا موسى في أول حياته والولاة والقصة بأكملها في سورة القصص وهي في غاية الإمتاع، من أول الولادة إلى أن استقر سيدنا موسى عليه السلام في بيت الفرعون، مرحلة بقى سيدنا شعيب قصة سيدنا موسى في أرض مدين لا تجدها في الأعراف ولا في البقرة ولا في الشعراء ولا في طه ولا الكهف، ولكن أين جاءت؟ في القصص، وطبعا هذا يعد إعجازا رهيبا وممتعا.
ومن الإعجاز أن تستمع معي إلى قوله تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7].