الموقظات والرقائق (289)

حق الكد والسعاية

فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا مصطلح قديم استخدمه الفقهاء لحفظ حق المرأة المحترفة يعني التي لها حرفة وتعمل في حياة زوجها أو بعد وفاة زوجها

أول تشريع إسلامي أن امرأة كانت نساجة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وساعدت زوجها الصحابي في تكوين ثروة

هذه المرأة اسمها حبيبة بنت رزيق وزوجها عمر بت الحارث  توفي عمر بن الحارث وترك حبيبة بن رزيق وكانت لها ثروة من شغلها  فأتى أولادها وجاروا عليها ولم يعطوها شيئا من الميراث

فذهبت إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذهب عمر بنفسه وحسب التركة وأعطاها نصف التركة كاملا وأعطاها نصيبها من الميراث

هذا يسمى حق الكد والسعاية  نتكلم عن هذا الموضوع من زاويتين

المرأة المحترفة في حياة زوجها هل لها الحق في التصرف في راتبها أم أن راتبها يذهب إلى زوجها وإلى أولادها؟

الشريعة الإسلامية لا تمنع أبدا أن تنتفع المرأة المتزوجة براتبها فيما يخص نفسها  ثم تعوض المنزل مقابل الوقت الذي أخذته من المنزل

الغرم على قدر الغنم والغنم على قدر الغرم  وليس بالضرورة أن الرجل يستولي على راتبها كاملا وهذا ظلم لها  فالزوجة لها الراتب بموجب حق الكد والسعاية  كما أن الشريعة الإسلامية لا تمنع المرأة العاملة أن تتصدق على زوجها العاطل من راتبها

كما شرحت لك في حديث الزيانب الدرس السابق

المرأة المحترفة صاحبة الحرفة التي تعمل في البيوت خادمة أو نساجة أو طبيبة  وهذه الأعمال خارج إطار العمل الوظيفي

المرأة تدر دخلا وهو خاص بها ولكن يحب عليها أن تعوض المنزل مقابل الوقت الذي فقد منها في العمل بطيب خاطر وليس قهرا عليها

إذا كانت المرأة غنية فإن الشريعة الإسلامية لا تمانع أبدا أن تتصدق على زوجها أولادها ولها أجران

الأجر الأول أجر الرحم والأجر الثاني أحر التصدق

ماذا عن حق الكد والسعاية بعد وفاة زوجها؟

الفترة العمرية تقول إن المرأة إذا كان لها فلوس في حياة زوجها أو عندها مشروع أو موظفة بعد وفاة زوجها تأخذ نصف الميراث

هذه فتوى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه

لم يكتف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذا بل جعلها تتقاسم مع أولادها في الميراث  لكن من الواضح أن هذه السيدة كانت منتجة من الطراز الأول وقد حعلت زوجها غنيا

ارتفعت مصاريف الحياة والرجل يعمل والمرأة تعمل ورغم هذا يكفون مطالب الحياة بالكاد

في حق الكد والسعاية طالما أن المرأة لم تخلف مالا وراءها مع شغلها مع زوجها فإن ميراثها هو الميراث الشرعي لها الذي ورد في سورة النساء  فالشريعة الإسلامية تحفظ للمرأة حقها

المالكية لهم رأي في تقدير حق الكد والسعاية

الأحناف لهم رأي في تقدير حق الكد والسعاية

سنأخذ اليوم برأي الأحناف وهو يناسب رأي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه  نحن نحترم النص فإذا صح النص فهو مذهبي

أبو حنيفة النعمان أخذ بفتوى ورأي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه

المالكية يقللون من حق المرأة في الكد والسعاية

الأحناف يعظمون حق المرأة في الكد والسعاية

الذين فهموا أن حق الكد والسعاية من نصيب المرأة فقط ليسوا على صواب  فحق الكد والسعاية من حق الزوج ومن حق الأبناء

إذا كان الزوج يعمل وأصبح غنيا

له الحق في التصرف في هذا المال ويوصي لمن يشاء ويعطي لمن يشاء بموجب حق الكد والسعاية

إذا كان أحد الأبناء قد سافر وتعب وتغرب وساعد والده أكثر من الآخرين وشهد الجميع بهذا فهذا الابن متميز في حق الكد والسعاية فيكرم ويعوض ويجبر

الشريعة الإسلامية عندما تقر حق الكد والسعاية فإنها تقيمه على أساس حفظ حق الناس لأن المرأة هي الضعيفة فإن الفقهاء ركزوا على حق المرأة

قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أحرج عليكم في الضعيفين المرأة واليتيم

والنبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالمرأة خيرا خاصة إذا كانت عاملة

الأصل عندنا في الإسلام (وقرن في بيوتكن) والأصل أن المرأة لا تعمل وعمل المرأة في المجتمع المسلم عمل استثنائي

المرأة تزوجت رجلا والله تعالى قال عن هذا الرجل "وبما أنفقوا من أموالهم" وربط بين القوامة وبين الإنفاق بالمال

مادام الرجل يعمل وينفق فلماذا تعمل المرأة؟

ربما تشترط عليه في عقد الزواج أنه يسمح لها بالعمل والشريعة الإسلامية لا تمانع في إضافة شروط احترازية على عقد الزواج

عندما تزيد على نصوص القسيمة فإنها لا يجوز لها أن تأتي بشرط يخالف الشريعة الإسلامية

قال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا

النبي صلى الله عليه وسلم أقر وجود الشروط ولكن أن يكون الشرط موافقا لثوابت الشريعة الإسلامية فلا يحل حراما ولا يحرم حلالا

المرأة لها حق الكد والسعاية

قد تحتم الظروف الاجتماعية على المرأة أن تعمل فهي عندما تعمل فإن عملها ليس هو القاعدة وإنما هي تعمل لكي تكفي نفسها وأولادها

قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا وامرأة سفعاء الخدين في الجنة امرأة آمت من زوجها حبست نفسها على يتاماها حتى بانوا أو ماتوا

تحدثنا اليوم باستفاضة عن حق الكد والسعاية والموضوع لا زال فيه بعض القضايا التي لم يسمح الوقت بذكرها

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)ْ} الأحزاب