المتكبر
هو اسم من أسماء الله الحسنى الذي يدل على أنه سبحانه وتعالى هو المتفرد
بالعظمة والكبرياء، المتعالي عن صفات الخلق والكبرياء هي العظمة والملك، فالكبرياء
لذاته، والمخلوقات جميعًا فهو عظمته، والكبرياء بالنسبة إلى الله عز وجل هي الترفع
عن الانقياد، وذلك لا يستحقه إلا الله، فلا يوصف بالكبرياء إلا الله – تبارك
وتعالى -، وقد أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم في آيات كثيرة عن كبريائه –
سبحانه وتعالى – وعلوه ورفعته وبهائه .
وصف الله نفسه بالتكبر والكبرياء في
القرآن الكريم ؛ فقال: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ
الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ
الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُون}[الحشر:23].
وقال – تعالى -: {وَلَهُ الْكِبْرِيَاء
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}[الجاثية:37].
ويختص هذا الاسم بعدة خواص:
الأولى: أن المتكبر هو الذي لا يليق التكبر إلا لعظمته كما تقدم في الصحيح: «العظمة
إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عذبته».
الثانية: أن المتكبر هو المتعالي عن صفات الخلق.
الثالثة: أن المتكبر هو المتفرد بالعظمة والكبرياء المتعالي عن صفات الخلق
والكبرياء هي العظمة والملك .
الرابعة: أن المتكبر هو الذي لا يرى العظمة والكبرياء إلا لذاته .
انعكاسات وتجليات هذا الاسم على حياة المسلم:
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله – تعالى – المتكبر، وآمنت به حق
الإيمان، فإنه يتحقق لك عدة فوائد:
الأولى: يتأكد له أن الله – تعالى – هو العزيز بالكبرياء والعظمة:
قال – صلى الله عليه وسلم – قال الله – تعالى -: «العظمة إزاري، والكبرياء
ردائي، فمن نازعني فيهما ألقيته في النار» .
الثانية: يبتعد عن الكبر والفخر والخيلاء والعجب.
قال – تعالى -: {وَقَالَ مُوسَى إِنِّي
عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ
الْحِسَاب}[غافر:27].
وقال – تعالى -: {لاَ جَرَمَ أَنَّ
اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ
الْمُسْتَكْبِرِين}[النحل:23].
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «بينما رجل يتبختر
يمشي في برديه قد أعجبته نفسه فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها
إلى يوم القيامة» .
الثالثة: يتواضع لأهله وجيرانه، ولا يستطيل عليهم .
قال – تعالى -: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ
وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ
اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا}[النساء:36].
وكان لرسول الله عليه الصلاة والسلام يهودي يؤذيه، ويضع
القاذورات
أمام داره، ولما توقف عن الإيذاء زاره رسول الله صلى الله عليه
وسلم
في بيته سائلاً عن حاله، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فجاره لم
يكن
حتى مسلماً، وكان بالإضافة إلى ذلك يؤذيه، ومع ذلك لم يرد الرسول
عليه
الصلاة والسلام على الإساءة إلا بالإحسان، وهذا قانون خاص لحسن
التعامل
مع الجيران، فما بالنا بحال المسلمين مع بعضهم البعض وهم أخوة في
الله، وقد
تعددت الأحاديث التي تذكرنا بالإحسان إلى الجار، والرسول عليه
الصلاة
والسلام يقول:" ما زال أخي جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه
سيورّثه"
.
إن الإسلام يعظم الاهتمام بالجار والجيرة؛ لأن لرابطة الجوار
دور
كبير في حركة المجتمع التكاملية، فهي تأتي في المرتبة الثانية من بعد
رابطة
الأرحام، إذ للجوار تأثير متبادل على سير الأسرة، فهو المحيط
الاجتماعي
المصغّر الذي تعيش فيه الأسرة، وتنعكس عليها مظاهره وممارساته
التربوية
والسلوكية، ولهذا نجد أنّ المنهج الإسلامي أبدى فيه عناية خاصة،
فقد
قرن القرآن الكريم عبادة الله تعالى والإحسان إلى الوالدين والأرحام
بالإحسان
إلى الجار كما في قوله تعالى: {واعبدُوا اللهَ ولا تُشرِكُوا بهِ
شَيئاً
وبالوالِدَينِ إحساناً وبذي القُربى واليتَامى والمَساكينِ والجارِ
ذي
القُربى والجارِ الجُنُبِ والصّاحبِ بالجَنبِ} [النساء: 36].