اللطيف

اللطيف
اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه أنه هو العالم بخفيات الأمور، ودقائق الأشياء الذي يسري لطفه الخفي في رفق ورأفة في جميع مخلوقاته من حيث يعلمون، ومن حيث لا يعلمون، وهو المدرك العليم بذات الصدور، فلا تخفى عليه خافية .
وقد ورد الاسم مطلقًا معرفًا ومنونًا مرادًا به العلمية ودالًّا على كمال الوصفية في كثير من النصوص القرآنية، قال تعالى:{ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14] وقال تعالى: { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفا خَبِيرا} [الأحزاب34]، ولم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير .
وورد الاسم مقيدا في قول الله تعالى: { إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف:100]، وكذلك قوله: { اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى:19] .
وقد ورد الاسم في السنة في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (( لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللطِيفُ الْخَبِيرُ)) .
واللطيف سبحانه هو الذي اجْتَمع له العلمُ بدَقائق المصَالح وإيصَالها إلى مَن قدرها له مِن خَلقه مع الرفق في الفِعْل والتنفيذ، يقال: لطف به وله، فقوله: {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} [الشورى:19] لطف بهم، وقوله: { إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} [يوسف:100] لطف لهم، والله لطيف بعباده رفيق بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم، ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم، قال تعالى: { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، وقال لقمان لابنه وهو يعظه: { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان16]، واللطيف أيضا هو الذي ييسر للعباد أمورهم ويستجيب منهم دعائهم فهو المحسن إليهم في خفاء وستر من حيث لا يعلمون، فنعمه عليهم سابغة ظاهرة لا يحصيها العادُّون ولا ينكرها إلا الجاحدون، وهو الذي يرزقهم بفضله من حيث لا يحتسبون: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج: 63]، وقال سبحانه: { اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى: 19]، كما أنه يحاسب المؤمنين حسابا يسيرا بفضله ورحمته، ويحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته .
ومن المعاني اللغوية للطيف هو الذي لطف عن أن يدرك كما في قوله: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَي طَعَاما فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدا}[الكهف19] .
وهي أيضا من المعاني التي يشملها اسمه اللطيف فقد دل على لطف الحجاب لكمال الله وجلاله، فإن الله لا يرى في الدنيا لطفا وحكمة ويرى في الآخرة إكراما ومحبة، وإن لم يدرك بإحاطة من قبل خلقه، ولو رآه الناس في الدنيا جهارا لبطلت الحكمة وتعطلت معاني العدل والرحمة، ولذلك قال عن رؤية الناس له في الدنيا: { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}، وقال سبحانه: { لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:103] .
وعند مسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (( تَعَلمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَل حَتَّى يَمُوتَ )) ( )، لأن الدنيا خلقت للابتلاء، أما الآخرة فهي دار الحساب الجزاء حيث يكشف فيها الغطاء، ويرفع فيها الحجاب، ويلطف الله بالموحدين عند الحساب قال تعالى: { فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [قّ:22]، وقال عن لطفه وإكرامه وإحسانه وإنعامه: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .

تصفح أيضا

الودود

الودود

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض