القهار

القهار

اسم من أسماء الله – تعالى – الحسنى معناه أن الله – سبحانه وتعالى – هو الذي يقصم ظهور الجبابرة، ويقهرهم بالموت والإهلاك، والقهر في اللغة هو الغلبة والاستيلاء على الشيء ظاهرًا وباطنًا، وهو الغالب أمره وقضاؤه، والنافذ حكمه في مخلوقاته على النحو الذي يرضيه، فلا يوجد موجود في الوجود إلا وهو مسخر تحت قهره، وعاجز في قبضته سبحانه وتعالى، وهو الذي قهر خلقه بسلطانه، وقدرته التي ليس لها صدود، فهو القهار الذي يمتلك سلطان القهر والقوة .

ذكر الله تعالى اسمه القهار في القرآن الكريم في قوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير}[الأنعام:18].

وقال – تعالى -: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار}[الرعد:16].

يختص هذا الاسم بعدة خواص:

الأولى: أن القهار هو الذي يقهر، ولا يُقهر بحال، يقهر الجبابرة من عتاة خلقه بالعقوبة، ويقهر جميع الخلق بالموت، وذلت له جميع المخلوقات، ودانت لقدرته ومشيئته مواد وعناصر العالم العلوي والسفلي، فلا يحدث حادث، ولا يسكن ساكن إلا بإذنه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فهو الذي منح الحياة، وهو الذي يسلبها، ولا يقدر عليه أحد .

الثانية: أن القهار هو الغالب الذي لا يغلب، أذل الجبابرة، وقصم ظهورهم بالهلاك .

الثالثة: أن القهار هو الذي يمتلك القوة والقهر والغلبة بيده ملكوت كل شيء، وإليه ترجع الأمور.

انعكاسات وتجليات الاسم على حياة المسلم:

اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله تعالى القهار، وآمنت به حق الإيمان فإنه يتحقق عدة فوائد:

الأولى: يقهر المسلم نفسه، ويضيق خناقها عند الغضب:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) .

وعن سليمان بن صرد قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه؛ فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: ((إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا؟ قال: إني لأعلم كلمة، لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ فقال له الرجل: أمجنونًا تراني)) .

الثانية: أن تساعد المسلم على قهر شهواته ومحاربتها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
‏"حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره‏".‏

الثالثة: تساعد المسلم على قهر نفسه بحفظ  جوارحه:

قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم}[الحُجُرات:12].

سئل النبي  - صلى الله عليه وسلم -  أي الإسلام أفضل؟، فقال: «مَنْ سَلِـمَ الْـمُسْلِـمُونَ مِنْ لِسَانِـهِ وَيَدِهِ» 

وذلك أن الإسلام الحقيقي: هو الاستسلام لله، وتكميل عبوديته والقيام بحقوقه، وحقوق المسلمين، ولا يتم الإسلام حتى يحب للمسلمين ما يحب لنفسه، ولا يتحقق ذلك إلا بسلامتهم من شر لسانه وشر يده، فإن هذا أصل هذا الفرض الذي عليه للمسلمين، فمن لم يسلم المسلمون من لسانه أو يده كيف يكون قائماً بالفرض الذي عليه لإخوانه المسلمين؟ فسلامتهم من شره القولي والفعلي عنوان على كمال إسلامه.

وفسر المؤمن بأنه الذي يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم؛ فإن الإيمان إذا دار في القلب وامتلأ به، أوجب لصاحبه القيام بحقوق الإيمان التي من أهمها: رعاية الأمانات، والصدق في المعاملات، والورع عن ظلم الناس في دمائهم وأموالهم، ومن كان كذلك عرف الناس هذا منه، وأمنوه على دمائهم وأموالهم. ووثقوا به، لما يعلمون منه من مراعاة الأمانات، فإن رعاية الأمانة من أخص واجبات الإيمان.

الرابعة: يمنحه الله القوة في القول والفعل بعد ارتكاب المعصية:

قال – تعالى -: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}[الأعراف:200].

وقال – تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُون}[الأعراف:201].

وقال – تعالى -: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون}[آل عمران:135].

الخامسة: يدفع المسلم إلى البعد عما نهى الله ورسوله عنه:

قال – تعالى -: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}[النور:63].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله تعالى يغار وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه»




تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض