العقل يتحوّل ويتغير

العقل يتحوّل ويتغير

أحبابي الكرام، ويا صديقي الملحد إذن هذا العقل الذي يتحوّل ويتغير والذي يذبل، أيصح أن يكون حاكما على الله تعالى البارئ المصور الخالق الجبار؟ ودعني أسألك سؤالا آخر، وهو: إذا كان العقل بهذا الخصوصية التي يزعم بها الملاحدة وهو أن العقل هو الذي نستدل به على الله تعالى، فهل هذه المقولة صحيحة أم خاطئة؟

الملحد: كنت قبل أن آتي إلى هنا أعتقد أن هذه المقولة صحيحة، وهو أن العقل نستدل به على الله.

فضيلة الدكتور: (لا)؛ وذلك لأن الإيمان هو الذي نستدلّ به على وجود الله تعالى ذلك الإيمان الذي زرعه في داخلنا عندما أخذ الميثاق على أبينا آدم ونحن في ظهره في عالم الذر، فقد جمع الله البشر قبل أن يخلقهم في شكل ذرات في ظهر أبيهم، وقد سألهم الله تعالى، وقال لهم: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف:172]، فشهد الناس لله بالوحدانية قبل مجيئهم إلى الأرض، ومعنى هذا أن الإيمان سابق على العقل؛ لأن الإيمان هو الذي يوجه العقل وليس العكس؛ لأن هناك من الناس من أعطاهم الله تعالى دلائل بصيرة وشاهدوا بأنفسهم قدرة الله تعالى، ثم هم يتحولون عنها ولا يأخذون طريق الحق وهناك آخرون قد آمنوا بالله تعالى، فاستقر الإيمان في قلوبهم، فهل قرأت أيها الملحد عن الأنبياء؟!

الملحد يجيب ويقول: نعم أحيانا.

فضيلة الدكتور يقول للملحد: هل تعرف نبيا اسمه موسى؟

الملحد يقول: طبعا أعرفه، ومن لا يعرف موسى؟!

فضيلة الدكتور يقول له: وهل قرأت عن التوراة؟

الملحد  يجيب: نعم قرأت عن التوراة.

فضيلة الدكتور: هل تعرف السحرة الذين كانوا سحرة، ثم آمنوا بموسى عليه السلام، هل تعرف كم كان عددهم؟!

الملحد يجيب ويقول: على ما أظن يقولون: ثلاثين ألفا أو اثنى عشر ألفا، أو ثمانين ألفا.

فضيلة الدكتور: وهؤلاء لما شاهدوا معجزة سيدنا موسى عليه السلام، هل آمنوا بعقولهم؟ أم أنهم آمنوا بقلوبهم؟

الملحد: يسكت برهة من الوقت ثم  يجيب  على فضيلة الدكتور ويقول: لقد آمنوا بقلوبهم.

فضيلة الدكتور يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

فضيلة الدكتور يستكمل تعقيبه، ويقول: فعلا -يا سادة يا كرام- لقد آمنوا بقلوبهم، وإيمان قلوبهم هو الذي جعلهم يخرون لله سجدا في لحظة واحدة.

فضيلة الدكتور يسأل الملحد: يا عزيزي الملحد، إن الثلاثين ألفا أو الثمانين ألفا - مهما كان عددهم - عندما سجدوا جميعا، ما هو الاتفاق الذي كان بينهم ؟ وما الذي جعلهم كلهم في مشهد كبير، وفي لحظة واحدة يخرّون إلى الله سجدا؟ يقول تعالى: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الشعراء:64]، فما الذي جعلهم يتحوّلون مرة واحدة؟ ويسجدون في لحظة واحدة؟ فهل هو العقل؟!

الملحد  يجيب: (لا) طبعا.

فضيلة الدكتور يسأل الملحد قائلا: عزيزي الملحد، إنك إنسان متمكن، وصاحب أستاذية، ولك مؤلفات كثيرة، وأخذت جوائز عالمية كثيرة، وأنت قد جئت اليوم إليَّ، وفي ذهنك أنك سوف تكسب هذه المناظرة .

الملحد يجيب على فضيلة الدكتور: نعم بصراحة كان هذا اعتقادي، ولكنك بصراحة قدمت لي أسئلة جعلتني أغير كثيرا مما أنا فيه.

تصفح أيضا

الحكيم

الحكيم

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض