الحمد لله رب العالمين، بديع السماوات والأرض ذي الجلال والإكرام، كرمه نازل، وخيره عميم، وعطاؤه جزيلن من تكلم سمع نطقه، ومن عاش علم سره، ومن مات يؤوب إلى رحمته، والصلاة والسلام على خير من علم المتعلمين ، وعلى آله الطيبين وصحابته الغر الميامين.
هذا هو الدرس الجديد من المدارسة الحديثية بعنوان "التبشير بالخيرات" ، وموضوع "التبشير بالخيرات" له عدة جوانب وأكثر من مدخل للكلام عنه، فإذا أخذنا: "التبشير بالخيرات" كمنهج للعلاج النفسي عند المريض النفسي والموسوس، ستراه يبتسم ابتسامة من قلبه تعبر عن انتشاله من مرحلة كان فيها مظلمًا إلى مرحلة يستقبل فيها الحياة دون أحزان.
شاهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا حزينًا كئيبًا مكلومًا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ماذا بك؟))، قَالَ كُنْتُ أَقُولُ اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَفَلَا قُلْتَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ قَالَ فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ))، هذا تبشير يحل مكان الحالة السوداوية الظلامية التي عليها الإنسان، وهذه المفاهيم الجميلة نحتاج إليها عندما تضيق الحياة علينا، فقد يدخل المريض في حالة نفسية سيئة جدًا، والصداع يمثل عنده نهاية العالم، فيأتي أحدهم فيقول له: ليس بك شيء، فهذا الكلام عند المريض علاج من المرتبة الأولى، يعطي له إرادة وعزيمة على التماثل للشفاء.
قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا زكم الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأَجَلِ"، التبشير بالخير يمكن أن يكون منهجًا لترميم النفوس وصيانتها، فبدل أن تزرع شوكة أو شجرة حنظل، ازرع شجرة تفاح أو وردًا، فهناك أناس إذا تكلمنا معهم عن عذاب القبر سيقنطون من رحمة الله تعالى، وهناك أناس إذا تكلمنا معهم عن نعيم القبر سيكون عندهم إقبال ورضا وحب وسكينة، وهناك أناس إذا تكلمنا معهم عن النار سيحدث لهم رعدة وخوف ومرض نفسي، وهناك أناس إذا تكلمنا معهم عن الجنة سينتعشون ويفرحون..