التبادل المعرفي والحضاري مع الآخر
يدعو ديننا الحنيف إلى التعامل مع الآخر بالتسامح والرفق والحوار، والاستفاده من علومة وخبراته وحضارته والتعرف عليه :
يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: الآية: 13].
قال القرطبي -رحمه الله-: ((خلق الله الخلق بين ذكر وأنثى أنساباً وأصهاراً، وقبائل وشعوباً، وخلق لهم منها التعارف، وجعل لهم بها التواصل للحكمة التي قدرها وهو أعلم بها، فصار كل واحد ٍ يحوز نسبه))( ).
فالعلاقات النسبية، وأسماء الشعوب والقبائل، يتعارف بها الناس، ويحددون قراباتهم وصلاتهم، ويضبطون علاقاتهم، وليس مجرد التعارف خرقاً لأمن الأمة الفكري، فمعرفة المرء وأسرته وقبيلته، والشعب الذي ينتمي إليه، تحقق أهدافاً عليا كالدعوة ونحوها.
فالتعارف مقدمة للعلاقة أياً كان نوعها، وهو في مجرده ليس منه ضرر على أمن الأمة، وإنما الضرر فيما يكون وراء ذلك، وقد تطورت معرفة العلاقات النسبية والشعوب والقبائل إلى ما يعرف اليوم ببطاقات الهوية والجوازات وغيرها، وتعدى الأمر مجرد الأفراد إلى التعارف بين الدول نفسها، والمنظمات، والمؤسسات، وأنواع التكتلات.
كما يدعو ديننا الحنيف إلى التعاون لتحقيق النفع والخير.
والتعاون بين الأمم والحضارات، بل وبين الناس - أفراداً وجماعات - أمر ليس فيه خرق لأمن الأمة الفكري، وإنما يأتي الخطر من موضوع ذلك التعاون، ولذلك يقول الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [ المائدة: الآية: 2 ].