الإعجاز والرحمة في خلق الزلازل

الرئيسية المقالات مقالات دينية

الإعجاز والرحمة في خلق الزلازل

الإعجاز والرحمة في خلق الزلازل

بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين، لا يحلو النهار إلا بذكرك ، ولا يحلو الليل إلا بمناجاتك، ولا تحلو الدنيا إلا بعافيتك، ولا تحلو الآخرة إلا برضاك، ولا تحلو الجنة إلا بشفاعة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولذة النظر إلى وجه الله عز وجل، فاللهمّ إنا نسألك برد العيش بعد الموت، ولذّة النظر إلى وجهك الكريم،  اللهمّ أنزلنا منازل الصادقين الصديقين، اللهم حبب إلينا الإيمان والعلم، والصلاة إلى قلوبنا، اللهم اجعل أنسنا إليك، وشوقنا إليك، ورغبة فيما لديك.
والصلاة والسلام على نور الأنوار وخير الأخيار، ونور الأنوار، وسر الأسرار، نور الكمال وكمال النور، ومهبط الأسرار النبي العربي المختار، وإمام الأبرار، وعلى آله وصحبه الغر الميامين.
الآيات الكونية في القرآن الكريم بين العلم والنور، والهداية والإيمان. اللهم اهد قلوبنا، وقنا شر نفوسنا، اللهم علمنا علما ينفعنا، اللهم انفعنا بما علمتنا.
تحدثنا عن الإعجاز الإلهي العظيم في خلق الجبال، وكانت لنا لمسة جميلة في النهاية لم يتسع الوقت لإبرازها. نلاحظ أن هذا الجبل الذي يبدو شامخا عاليا الذي لا يبدو منه إلا شيئا يسيرا، وأن عمقه العظيم في الأرض سترى جانبا إيمانيا لم أتحدث عنه، وهو الجبال المسبحة، ليس فقط المسبحة بل الجبال الساجدة، والجبال الخاشعة الباكية من خشية الله، وهذا الموضوع يحتاج درس أو اثنين أو ثلاثة بصراحة.
سأقف عند الجبال الأوّابة {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10] يعني الإنسان الذاكر، وهو الذي يجعل الكون ذاكرا، فلما كان داود عليه السلام أوابا، فالجبال أوبت معه، فلما كان بكاء، فإن الجبال بكت معه هذا هو معنى {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: 10] بفاعلية ذكره لله أي: إن الله يشدّ المُلْك، ويشد العزيمة، ويشدّ الأزر لكلّ ذاكر ذكّار، لكلّ قلب مطواع منيب.
هل رأيتم جبلا يتحوّل إلى ما يسمى بالظلّة أو الشمسية؟ هل تستطيع أن تجعل هذا المكتب الذي يجلس عليه خادمكم ظلّة لك؟ هل يمكن تخيّل هذا كمنطق بشري؟ طبعا صعب، فما بالك أن الله جعل الجبل ظلّة؟ وليس الجبل قمّة الجبل، ولكن الوشاح الذي تحت الأرض مع القشرة الأرضية مع البروز الذي يظهر لك خُلعت {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعراف: 171] فجأة الجبل أصبح فوقهم بعد أن كانوا هم فوق الجبل.
هذه طبعا مقدمة لدرس الزلازل. {وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ} [الأعراف: 171] يستحيل أن جبلا يعلّق بين السماء والأرض. من الذي يمسكه حتى يبقى على هذه الحالة؟ نا الفاعلين {وَإِذْ نَتَقْنَا} {الْجَبَلَ} لم يقل جبلا، بل قال: الجبل.    
جبل الطور الذي تشرفت وصعدت عليه سنة 2013 ليس جبلا منفردا، ولكنه عبارة عن سلسة جبال متراصة متراصة، ارتفعت فوقهم كأنها ظلة. نلاحظ تسلسل الجبال في جبل الطور، أو في سانت كاترين على اختلاف بين المفسرين، في امتداد طويل، وارتفع كله كأنه ظلة تصور حقيقي، وليس خيالي {وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ}.
إخواني الأعزاء: بصراحة الإيمان قصة جميلة، والإعجاز لتأكيد الإيمان هو الإيمان عندئذ لا بد أن نستعيد الذاكرة إلى الوراء عن قصة صعود موسى جبل الطور في جو اختلط فيه الماء بالنار بالنور هذه الثلاثة معا عبارة عن شجرة فيها ماء وظن أن فيها نار، فلما تقدم، فإذا بالنار نور، فشدّ إلى النور، فقال له النور: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ} [طه: 14].
وموسى عليه السلام -كما تعرفون- في المناجاة الثانية، وجد أن الجو جميل والمشاعر عظيمة، فزاد عشمه في كرم الله، فقال: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143].
أنا صعدت فوق الجبل هذا، وهذه أسعد حياة عمري بصراحة أخذتني رهبة مزلزلة، وفيه روح عجيبة في المكان بصراحة لماذا؟ {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا –اختفى الجبل- وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143]. أفاق كلنا نحتاج إلى الإفاقة. وهي من عمق الإنسان القاف مع القاف.
والجبل له عينان {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ –أيّ جبل- لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّه} [الحشر: 21]  وهذه من أقوى الآيات تأثيرا على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
التفاعل القلب بين الإنسان، وبين الجماد أنا لا اعرف الجبل هو الجماد أم نحن الجماد؟ لأن الجبال لا تكف عن ذكر الله، والجبل ينادي على أخيه – كان لي محاضرة قديما من خمس وعشرين سنة اسمها: سيف الذاكرين – هل مرّ عليك اليوم ذاكر؟ قال: سبحان الله، لا حول ولا قوة إلا بالله؟.
هذه الصورة أفضل من مليون كلمة الجبل يخرج منه الماء، انظر لهذا الجلال. {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّه} إذن هذه الجبال لها عيون تشهد لأصحابها لمن ذكر الله عندها، ولها ألسن تعلّمك عن عظمة الله.
لا أعرف كيف أكمل الدرس؟ يعني صور تسكت ألسنة الملاحدة، وتقوي ألسنة المؤمنين الموحدين.
ولذلك قلت لك في الدرس السابق: كل هذه الجبال في أوربا، ورغم هذا يكفرون بالله! {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة: 28] كل السور المدنية موجودة في الجبال هذا الجبل فيه ثلاجة، ومدفأة في البرد يخرج دافئا، وفي الحر يخرج باردا {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} [النحل: 81] يعني فيه معيشة واستقرار وكذا وكذا ، وفي النهاية ما رأيت الجبال إلا شاهدة على عظمة الملك تمرّ به الأجيال، وهو موجود وآلاف السنين، وهو موجود، ثم يأتي يوم القيامة ليشهد لمن ذكر الله عنده.
أما درس الإعجاز، والرحمة في خلق الزلازل.سترى عظمة أخرى تشدك إلى عظمة وقدرة الله تعالى، خدعوك قديما فقالوا: إن الطبيعة تغضب، وعندما تغضب يحدث لها هزات أرضية، وبراكين مدمرة، وزلازل مزعجة للناس، ثم يدرك الناس أن الطبيعة غضبت لشيء لا يعرفونه.
من الذي طبّع الطبيعة؟ الله القدير. والأرض في البداية عبارة عن طبقات {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} [فصلت: 39] خاشعة لله. {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [الروم: 50].   
إن الأرض تدور حول نفسها. ولا تشعر بها، وأنت الآن في 6 أكتوبر لا يمكن أن تكون غدا في أستراليا، فهي لا تلف بك، ولا ترى دورانها، وكل مظاهر عظمة الله أنت لا تراها، وإذا أراد الله تعالى أن يريك شيئا منها تراها؟
سنرى جانب من قدرة الله العظيمة التي هي مترتبة على طبقات الأرض، والأرض عبارة عن خزانات {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [فصلت: 39].
والأجهزة ريختر وغيرها تقيس حاجات ضعيفة جدا، نحن عندنا أجهزة قرآنية لقياس الزلازل تحتاج مني لثلاثين محاضرة،  لكن سنتكلم عما يفهمه الناس من مظاهر قدرة الله.
القرآن تحدث عن الزلازل في سورة الزلزلة {إِذَا زُلْزِلَتِ} يعني زلزلت بفعل قادر، مبني للمعلوم، وهو الله سبحانه وتعالى و{الْأَرْضُ} نائب فاعل {زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)} أفي وحي لغير العاقل؟ نبئوني بعلم؟ فيه من قال: إن الأرض غير عاقل؟ ستتكلم الأرض وتقول: أحمد عبده عوض مشى عليّ سنة كذا، وهو رايح الحرم، وأشهد له أن طاف حول البيت. هذه غير عاقل؟! لها لسان. ربنا أوحى لها وستتحول إلى وكالة أنباء بصحائف أعمالها تقول: يا رب فلان عمل، وفلان عمل...
{أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] إذن لها لسان وعاقل، وتعقل من يمشي حولها وعليها، وتسجل من يمشي عليها بطريقة لا يعلمها إلا الله، وفيه تصور قرآني جميل له تفسيره في سورة الزلزلة.
وتعال إلى سورة الواقعة {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} [الواقعة: 4] الأرض ترج كان واحد ماسك زجاجة ويرجها كذا.  يحدث لها رجة وهذه الزلازل، وهذه الرجة لا يحدثها إلا الله ارتجاج داخل الأرض والأرض يحدث لها انشقاق، وفيه مظاهر كونية في عمق الأرض تبدو لك في صورة زلازل شاهدناه، ونحن صغار اهتزت فيه مصر كلها، ورأى الناس العمارات تتراقص الذي حرّكها هو الذي ثبتها، لكنها تذكرة للناس أن فيه زلزال كبير سيحدث بلغة منطقية واضحة قال عنها الملك: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1].
لن أتكلم بطبيعة الحال عن الزلازل التي هي مقدمة لقيام الساعة، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أنه من علامات قرب الساعة كثرة الزلازل، وهذا تأكد بالبحوث الأمريكية، وليس بالبحوث المصرية، والأبحاث تقول: إن الزلازل تزداد عشرة أضعاف عما كان من قبل كلما تقدم الزمان، وأقوى زلازل مرت على تاريخ الأرض ثلاثة مليون سنة -كما يقولون- في الألف سنة الأخيرة بعد أن نزل قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1]. شقّ القمر قضية أخرى كبيرة، سنتكلم عنه في درس قادم إذا صليت على النبي صلى الله عليه وسلم.
إذن كثرة الزلازل مقدمة لاقتراب الساعة، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
الزلازل التي هي مقدمات للساعة تناولتها في برنامج (الحياة البرزخية). أنا أتكلّم عن الزلازل التي هي مظهر قدرة الله، ومظاهر رحمة الله أيضا. معظم هذه الزلازل تحدث في أعماق البحار والمحيطات بدايتها، وهي عبارة عن نبوءات للزلازل، وشكل بسيط للزلازل، لكن سننزل تحت في أعماق الأرض آلاف آلاف الكيلو مترات بعضهم يقول: بعمق خمسين ألف كيلو متر التي هي عمق الزلازل.
أنا سميت الدرس: الإعجاز والرحمة؛ لأن الزلازل التي تجري في الأماكن التي نعيش فيها ما تحمل أحد أن يعيش في الأرض، ومعظم الزلازل عمقها في البحار والمحيطات، وليس تحتنا ولو أن عمقها تحتنا لابتلعتنا، وما دامت الحياة لو فوران الأرض بكامل قوتها نستشعره ما دامت الحياة لحظة واحدة يستحيل، لكن الذي يحصل أن الكرة الأرضية عبارة عن ألواح من تحت، وهي طبقات الأرض التي تحت لا يعلمها إلا الله فيهبط لوح من هذه الألواح فيحتك بالآخر، فواحد ينزل فيحتك بالآخر، فتطلع قوة نارية شديدة من الاحتكاك فيصل -كما في سورة الإسراء- جانب البر، وهو جانب البحر فهي الزلازل فنحن لم نر إلا احتكاك لوحين، وطلعت قوة نارية في أعماق البحار {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق: 12] يحصل التصدع في عمق عمق الأرض.
وسورة الإسراء فيها آيتان 70، 71 يحكوا القصة الكاملة لنشأة الزلازل، ورحمة الله بنا أيضا التي لا يعلمها إلا الله، إني أختصر اختصارا شديدا.
يقول الله عن الصحابة في سورة الأحزاب: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: 11] زلزلوا وبقوا عايشين؟ ورغم هذا الزلزال لم يفعل بهم شيئا لأمرين:
الأول: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} [آل عمران: 101] {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون} [الأنفال: 33]. هذه واحدة لوجود النبي صلى الله عليه وسلم بينهم.
والأمر الثاني: زلزلوا من داخلهم {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10] كل هذه زلزلة في داخلك، ويحدث لك زلزال شديد {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: 10، 11].
ثم يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة يتكلم عن السابقين، وما تعرضوا له من مآسي ومجازر؛ لأنهم آمنوا بالله فقال: {مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
والموضوع جميل بصراحة، وكل النظريات القرآنية تردّ على النظريات التاريخية القديمة التي كانت تقول: إن الآلهة تشاجروا مع بعض، وكل إله ينتقم من شعب الآخر، فالقرآن يقول لهم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19].
يحصل نوع من الزحزحة في الألواح التي تحت الأرض، وقوة النار تحرك الأرض وتعمل بركان وتسونامي. وفيها رحمة؛ لأن آخر زلزال في تركيا نزل على مدينة وأباد المدينة كلها إلا المسجد، وكل ما حوله دمار إلا بيت الله لكي يبقى شاهدا لك أن التوحيد هو خير حماية للبشر، وهي فيها عظات {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59]. ترى ركامات مدن اختفت، ويبقى المسجد لم يتحرّك شاهدا على رحمة الله بل على قدرته.
الموضوع يذكرك أن الأرض تستعد لزلزال كبير، وهذه ختام محاضرتي وليس ختام مودتي، وعنوانه {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة: 1، 2] أي: الإنس والجن. وهل أنت ثقيل؟ يعني أنت أثقل من الجبل؟ نعم، فالجبل خفيف؛ لأنه مسبح لكنني غافل، وأنت غافل حتى قال أحد الصالحين الكبار: الصياد عندما يصطاد بشبكته لا يصطاد إلا السمكة الغافلة عن ذكر الله.
فأنت ثقيل، نعم ويرجع إلى أمه كي تعتبطه أمه؛ وهي الأرض {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] يا أرض حافظي على أحمد عبده عوض. أنت صرت فيها، وجزء منها فيأذن الله أن تخرج الأجساد من تحت الأرض حياة ثانية، وملك ثاني، وعظمة ثانية، وقدرة ليس بعدها قدرة.
 (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله). سنن الترمذي (4/ 556). لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلمه ربه ما لم نعلمه عن ربه لأجل هذا قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85].
ما تحدثت عنه يعدّ واحد من المليار مما عندي من معلوماتي أنا شخصيا لكي يتبين لك أن الإنسان فقير، وضعيف جدا في هذه الحياة، فنحن تكلمنا عن الأرض، والزلازل في الأرض، فكلمنا يا شيخ أحمد عن الزلازل في الشمس. وما العلاقة بين الشمس والأرض؟ رغم أن الأرض عبارة عن جزء بسيط من الشمس؛ لأن الشمس فيها مليون أرض. يعني: الشمس فيها زلازل وبراكين، وهذه قصة ثانية وموضوع ثاني، والقمر فيه زلازل وبراكين.
ما معلوماتنا الضئيلة القليلة الضعيفة السقيمة عن الله؟ أستاذنا الكبير الدكتور زغلول النجار يقول: كل البحوث العالمية تحدثنا قدرة الله تساوي 2% فقط عن قدرة الله. والشمس بجوار الشمس لا تساوي شيئا إلى أن تأتي شموس أخرى من درب التبانة تساوي مليون شمس، وكل هذا مرصود، وربنا حامي الأرض بحزام فام، وفيه صخور ونيازك تتجه نحو الأرض مليون يوميا، ولو واحد منها عدى لأحرق الأرض أو أغرقها، وكل البحوث العلمية كلها تحدثنا عن 2% عن قدرة الله؛ ليبقى الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
الذي أحاط بكل شيء علما الذي قدر الأقدار والأرزاق ولم ينس أحدا، لكي يبقى الله المهيمن القدوس السلام القابض الباسط العزيز الجليل الذي يفعل ما يشاء (يا جبال أوبي) فأوبت (قالتا أتينا طائعين) فأتينا طائعين الكون كله مؤدب مع الله {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].
{يَاأَرْضُ ابْلَعِي} [هود: 44] حاضر يا الله استجبت لك يا الله {وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود: 44] أجبت لك يا الله {وَغِيضَ الْمَاءُ} أجبت لك يا الله {وَقُضِيَ الْأَمْرُ} أجبت لك يا الله {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} أجبت لك يا الله، وإنا استجبنا لك يا الله، وإنا هدنا لك يا الله، فارزقنا فهم النبيين، ورزق الصالحين،  وفقه الأولبين، ولسان الذكارين.
إلهي يا من فرجه قريب ونصره أكيد، وقاصده لا يخيب اجعل لنا من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا وارزقنا من حيث لا نحتسب. واجعل هذا الشهر الكريم نورا في قلوبنا وصلاحا لبيوتنا، خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك، وارزقنا حبك حتى يكون حبك أحب إلينا من الناس أجمعين، وبلّغ صلاتنا، وسلامنا إلى سيدنا محمد، واجعل صلاتنا حياة لقلوبنا، وآزرنا وآزر بنا، ونورنا ونور بنا، وجد علينا بالجود والكرم، فأنت رب الكرم. {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. صلى الله عليه وسلم.
 
 
 

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض