الإحسان فى القرآن والسنة

الرئيسية المقالات مقالات دينية

الإحسان فى القرآن والسنة

الإحسان فى القرآن والسنة
الإحسان لغة:
الإحسان في اللغة ضدّ الإساءة، ويقال: رجل محسن، ومحسان إذا كان كثير الإحسان .
والمحاسن في الأعمال: ضدّ المساوئ، وقوله تعالى : {يدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ}[الرعد: 22]، أي: يدفعون بالكلام الحسن ما ورد عليهم من سيّء غيرهم، وحسّنت الشّيء تحسينا: زيّنته، وأحسنت إليه وبه.
والإحسان اصطلاحًا:
تحدث عنه العلماء؛ فقال الجرجانيّ: «ما يكون متعلّق المدح في العاجل والثّواب في الآجل» وذهب التّهانويّ إلى أنّ لفظ الحسن يطلق ويراد به- اصطلاحًا- واحد من أمور ثلاثة:
الأوّل: كون الشّيء ملائما للطّبع وضدّه القبح، بمعنى كونه منافرًا له.
الثّاني: كون الشّيء صفة كمال وضدّه القبح، وهو كونه صفة نقصان وذلك مثل العلم والجهل.
الثّالث: كون الشّيء متعلّق المدح وضدّه القبح بمعنى كونه متعلّق الذّمّ.
وقال المناويّ: الإحسان إسلام ظاهر، يقيمه إيمان باطن، يكمّله إحسان شهوديّ. وقال الرّاغب: الإحسان: فعل ما ينبغي فعله من المعروف، وهو ضربان:
أحدهما: الإنعام على الغير.
والثّاني الإحسان في فعله، وذلك إذا علم علمًا محمودًا، وعمل عملًا حسنًا، ومنه قول عليّ- رضي اللّه عنه-: ((النّاس أبناء ما يحسنون)). أي منسوبون إلى ما يعلمون ويعملون.
وقال الكفويّ: الإحسان: هو فعل (الإنسان) ما ينفع غيره بحيث يصير الغير حسنًا به، كإطعام الجائع، أو يصير الفاعل به حسنا بنفسه.
الإحسان في القرآن الكريم :
جاءت مادة الإحسان في القرآن الكريم في عدة سياقات ، أهمها :
- الجانب الأول بيان الإحسان من الله للخلق والتصوير:
قال – تعالى – {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ} [الصافات : 125] وقال – تعالى - : {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ} [ غافر : 64] وقال – تعالى -: {خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [ التغابن : 3] .
أي فخلقكم في أحسن الأشكال ومنحكم أكمل الصور في أحسن تقويم.
قال البيضاوي : ((حيث زينكم بصفوة أوصاف الكائنات، وخصكم بخلاصة خصائص المبدعات، وجعلكم أنموذج جميع المخلوقات { وإليه المصير } فأحسنوا سرائركم حتى لا يمسخ بالعذاب ظواهركم)) .
- الجانب الثاني للإحسان في القرآن بيان أن الإحسان من صفات الأنبياء والمحسنين :
قال – تعالى - : {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا} [ النساء : 125]، وقال – تعالى -: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} [ لقمان: 22]، وقال – تعالى - : {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [ يوسف : 36]، وقال – تعالى - : { لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [ البقرة : 236].
فبين سبحانه وتعالى أن الإحسان من صفاته أحبابه والمقربين إليه فأخبر تعالى أنه لا أحد أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله أي: أخلص نفسه له تعالى، لا يعرف له ربا سواه، وقيل: بذل وجهه له في السجود وقيل: أخلص عمله له عز وجل وقيل: فوض أمره اليه تعالى، وفي ذلك حض على التخلق بأخلاقهم والسير على منهاجهم.
- الجانب الثالث : أمر الله عز وجل لعبادة بالإحسان :
قال – تعالى - : { وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ } [ البقرة : 83]، وقال – تعالى - : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً } [ النساء : 36]، وقال – تعالى - : { وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً} [ الإسراء : 53].
ولا شك أن العبد في أشد الاحتياج إلى اتباع أمر ربه وطاعته فيما دعاه إليه وحثه عليه فالإنسان المسلم مطالب بالقول الحسن والفعل الحسن والسلوك الحسن طاعة لمولاه ورغبة في تحصيل الأجر العظيم من الله سبحانه .
- الجانب الرابع للإحسان في القرآن هو حب الله للمحسنين :
قال – تعالى - : { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [ البقرة : 195]، وقال – تعالى - : { فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [ آل عمران : 148]، وقال – تعالى -: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 93].
وكفى بحب الله – سبحانه – جائزة وثوابًا للمحسنين إن هذا يشكل أكبر دافع للتخلق بخلق الإحسان أن يحظى المرء بحب مولاه ، وهي الغاية التي يسعى إليها كل مسلم .
الجانب الخامس للإحسان في القرآن: معية اللّه للمحسنين:
قال – تعالى - : {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]. وقال – تعالى - : {وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[ العنكبوت : 69].
فالمعية حصن حصين يجد المسلم فيه راحة النفس وحفظها من اتباع طريق الشهوات فالله مع المحسن يحفظه ويرعاه، ويبعد عنه وساوس الشيطان، ويهديه إلى الخير والرشاد في الدنيا والآخرة .
الإحسان في السنة النبوية:
بينت السنة النبوية كثيرًا من مجالات الإحسان وأنواعه:
فالإحسان مطلوب من المسلم في كل عمل يقوم به ويؤديه، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، ولْيحد أحدكم شَفْرته، فلْيُرِح ذبيحته) [مسلم].
من موسوعة الأخلاق
لفضيلة الأستاذ الدكتور
أحمد عبده عوض
الداعية واالمفكر الإسلامي


تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض