اتخاذ البيوت قبلة
للذكر يحصنها من الشياطين والحاسدين
المؤمن يحرص دائمًا على أن يكون بيته قبلة للطاعات، ومكانًا
لجلسات الإيمان التى ترفع فيها الدرجات، وتنزل عليها الأنوار والبركات، وتحفها الملائكة،
ويغفر لحاضريها ببركة الطاعة، وأنوار ذكر رب العالمين.
إنك فى بيتك الذى
تقوم دعائمه على الطاعة تحصن زوجتك وأولادك من المعاصى والخطايا، وتحوطهم بسور من رضا
الله سبحانه وتعالى يمنع عنهم كيد الشيطان، وكيد الحاسدين، ومكر الماكرين.
قال الله – عز وجل -: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ
أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 87] قال ابن عباس: أمروا
أن يتخذوها مساجد، وقال ابن كثير: وكان هذا - والله أعلم – لما اشتد بهم البلاء من
قبل فرعون وقومه، وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة.
وهذا يبين أهمية العبادة فى البيوت ونحن نتذكر محراب مريم،
وهو مكان عبادتها الذى قال الله فيه:{كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ
وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:
7]. إن جعل البيوت قبلة للطاعة والذكر هو أكبر طريق للسعادة، وهو الحصن الحصين الذى
يحصن الأسرة كلها من كيد الشياطين، وحسد الحاسدين، وهو الذى يصون الأولاد الذين هم
الزرع الذى يعجب الزراع بفضل الله، فما بالك ببيت تربى فيه الأولاد على طاعة الله،
وعلى ذكر الله، وعلى اللجوء إلى الله فى كل الأوقات وفى كل الأحوال.
عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (مَثَلُ البَيْتِ الذى يُذكَرُ اللهُ فيه، والبيت الذى لا يذكرُ الله فيه
مَثَلُ الحى والميِّت) [أخرجه البخارى ومسلم] فما هو الذكر؟ أولًا: قراءة القرآن ذكر،
والصلاة ذكر والدعاء ذكر، والاستغفار ذكر، وإلقاء الموعظة ذكر، وأى نشاط دينى يصب فى
العمل الصالح يعد ذكرًا، لذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بخير
أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير منكم من أن تلقوا
عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله)
[أخرجه مالك والحاكم عن أبى الدرداء].