رحلة الراشد (55 ) لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

الرئيسية المقالات مقالات دينية

رحلة الراشد (55 ) لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

مشاهدينا الكرام عندنا في محاضرة اليوم عنصران: العنصر الأول موقف الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز من قبرص وأهلها ومن البربر في إفريقيا باعتبارهم أعاجم
كيف تعامل مع الاعاجم من غير العرب؟
لما فتح معاوية بن أبي سفيان قبرص في عهد عثمان بن عفان كان معاوية هو الفاتح، وصالحهم معاوية رضي الله عنه صلحًا دائمًا على سبعة آلاف دينارًا فيما يعرف بالجزية
وعلى النصيحة للمسلمين مقابل أن يتولى المسلمون الدفاع عنهم من هجمات الروم؛ يعني الجزية مقابل الأمن وهذا صلح جميل
فلما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة زاد عليهم ألف دينار، يعني لم يحترم الاتفاقات المكتوبة بين الخليفة الأسبق معاوية وبينهم فزاد عليهم ألف دينار، انظر وتأمل
فلما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة أسقط عنهم الألف دينار وأعادهم إلى ما كانوا عليه سلفًا، وكان دائمًا يرى أن غير المسلمين إذا دخلوا في الإسلام لا ينبغي أن نقهرهم بدافع المال ولا بالجبايات
وإنما لابد أن نعينهم على الطاعة وأن يحيوا في ظلال وارفة بالإيمان والأمان في ظل الإسلام العظيم، وهذا ما حدث بالفعل حيث أعاد الكرامة إلى أهل قبرص واستقرت أوضاعهم فترة زمنية طويلة على هذا الحال
أما المسلمون من أهل البربر في أفريقيا فكان وضعهم عجيبا، حيث أرسل عمرو بن العاص وهو صحابي كبير رسالة إلى الأمراء على البربر يطلب منهم أنهم إذا أتوا إلى أحد البربر لكي يأخذوا منه الجزية
فلم يستطع دفعها تسبى أبنائهم وبناتهم (فيما يعرف بالسبي يعني أخذ الأولاد عبيدًا) ثم تباع في سوف النخاسة مقابل المال الذي كان يدفعه الأب أو الأم، طبعا هذا الكلام أكيد يخالف تعليمات الإسلام
ما كان يفعله عمر بن عبد العزيز كسياسة يعني مع العرب الأصليين أو مع الأعاجم ما كتبه إلى عامله بالكوفة
انظر من كان عليه جزية فضعف عن أرضه فأسلفه ما يقوى به على عمل أرضه فإنا لا نريدهم لعام ولا لعامين
يعني يقول له: لو واحد من أهل الكتاب غير قادر على دفع الجزية وأرض تعبانة سلفوه ولا تقهروه حتى يقوى على دفع الجزية دون أن تزيد عليه شيء
كما أوقف عمر سياسة التعذيب المتبعة قبله ومن ذلك أن عامله بالبصرة عدي بن أرطأة أرسل إليه يقول: إن أناس قبلنا لا يؤدون ما عليهم من الخراج، الخراج عند المسلمين يعني الضريبة أو الزكاة وعند غير المسلمين تسمى بالجزية
إن أناسا قبلنا لا يؤدون ما عليهم من الخراج حتى يمسهم شيء من العذاب،
يعني يقول الناس في البصرة لا يدفعون الخراج إلا إذا جئنا بهم وعذبناهم أوضربناهم في السجون يعني بالعامية المصرية نريهم العين الحمراء والزرقاء وجميع العيون
إن أناسا قبلنا لا يؤدون ما عليهم من الخراج حتى يمسهم شيء من العذاب، فكتب إليه عمر ردًا شديدًا؛ أما بعد فالعجب كل العجب إنك تستأذن إياي في عذاب البشر وكأن رضاي ينجيك من سخط الله، فإذا أتاك كتابي هذا فمن أعطاك خراج فاقبله وإلا فأحلفه
يعني قال والله ليس معي مال فوالله لأن يلقوا الله بخيانتهم أحب إلي من أن ألقاه بعذابهم
فوالله لأن يلقوا الله بخيانتهم يعني بالحلف الكذب أحب ألي أن ألقاه بعذابهم، والسلام. مرة ثانية وكأن رضاي ينجيك من سخط الله فإذا أتاك كتابي هذا فمن أعطاك فاقبله عفوا وإلا فأحلفه فوالله لأن يلقوا الله بخيانتهم أحب إلى أن ألقاه بعذابهم
طبعا أعطى تعليمات للعمال يوم أن تولى الخلافة بالرحمة مع الناس وعدم التعنت مع الناس وعدم تكليف الناس فوق طاقتهم
فقلت لك أنه أسقط سبي البنات عن البربر ومن ذلك ما ذكره أبو عبيدة أن عمر بن عبد العزيز أرسل إلى عامله من البربر قال له من دفع الجزية خذها منه
ومن لم يدفع فلم تأخذ منه شيئًا، فلا يجوز أن نعاملهم كعبيد، وكان عمرو بن العاص كما قلت لك كتب إلى عامله على البربر من أهل برقة في شرطه عليهم أن يبيعوا أبنائهم
فيما عليهم من جزية فكان الليث بن سعد رضي الله عنه فلو كانوا عبيدا ما حل لهم ذلك.
وظل السبي أيها السادة الكرام مستمرًا طول عصر بني أمية، يعني عمرو العاص كان يحكم مصر طول حكم معاوية العالم الإسلامي
وأما عن الأراضي والكنائس المنهوبة من أهل الكتاب فسنرى شيئًا عجيبا جدا
أول موقف أي واحد ذمي يتقدم إليه بشكوى ضد أحد أمراء بني أمية السابقين فإنه كان يستدعي الأمير الذي نهب من الأسرة المالكة يعني ويجلسه مع الذمي مع بعض
وكان بني أمية يعترضون ويقول له احضروا وكيلي يجلس معه أما أنا فلا أجلس معه فيغضب وينفعل
ومن ذلك أن نصرانيًا شكا هشام بن عبد الملك، هشام هذا سيكون خليفة بعد ذلك، شكا هشام بن عبد الملك إلى أمير المؤمنين
فأرسل إليه فأتى فرفض أن يجلس مع الذمي في الحكم يعني زي القفص كدة يعني فشد عليه عمر
فقال: لماذا أخذت منه أرضه؟، فقال: إن الخليفة السابق أقطعني بها أرضا، يعني معي ورقة رسمية أن هذه الأرض أصبحت لي
فالنصراني قال: فعلا؛ أخذوها مني غصبًا الذي أخذ الأرض خليفة سابق اسمه: الوليد بن عبد الملك، فنادى على ابنه عبد الملك قال له تعالى يا ولدي وكان صغيرا شابا
فقال يا ولدي خذ هذه السجلات وادرسها، يعني ورشة عمل يعني فأخذها ودرسها وبعد أن درسها عاد إلى أبيه
فقال يا أبي: أرى أن أمر النصراني قويًا يعني عنده حجة وأن حجته غالبةً وحكم الله أولى
! لم يجامل اخواله هو يحكم على أخواله عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز أخواله أخوات أمه
فقال له عمر حرق السجلات، فأحرقها ورد على الرجل ضيعته. لكن هشام هذا بصراحة فعل موقفًا نبيلاً محترم يعني
لما تولى الخلافة بعد عمر تولى الخلافة يزيد بن عبد الملك أخو فاطمة بنت عبد الملك وبعدين الوليد بن الملك كان قبل هذا ثم تولى الخلافة هشام بن عبد الملك
؟ فلما تولى هشام الخلافة قال له المقربون خذ الأرض التي أخذها منك عمر بن عبد العزيز، يعني أرض النصراني ترجع لك
أنت أصبحت أمير البلاد كلها، فقال رحمه الله: لا ترد عليا حكمًا حكم به عمر
وبلغه أن أحد عماله في دمشق استولى على كنيسة، ودرس اليوم جزأين جزء خاص بقبرص وجزء خاص بالكنائس
لما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة كان النصارى لهم في دمشق في الشام خمسة عشرة كنيسة
فعاهدهم أن يحافظ عليهم ولا يزيد عليها، يا سلام! فذهب أحد أمراء بني أمية واستولى على كنيسة من ال15 دول
رغم أنها مصونة وفق اتفاق مكتوب سلفًا، فأصدر عمر بنزع ملكيتها من من أخذها وإرجاعها إلى النصارى
لكن للأسف لم ولي يزيد الخلافة بعد عمر أخرج منها النصارى وضمها إلى قريب له
يعني العدل لكي يستمر آخر الكون صعب ليس كل الناس كعم
بعد أن مات رضي الله عنه الذين أتوا بعده لم يكونوا عُشر إخلاص وعدل ورحمة عمر؛ بل تعمدوا في عهده إسقاط الدولة مرات عديدة بمؤامرات خسيسة
ولكن عمر كان مؤيدا من الله، فلما مات حاولوا طمث معالم الدولة، وتقريبا كل القرارات التي فيها عدل وفيها رحمة
وكل المظالم التي انتزعها منهم عمر لما مات عمر للأسف انقلبوا عليه وفعلوا ما فعلوا خلاف ما كان يتمنى
كما رد عمر بن عبد العزيز لأهل الذمة بيوتهم التي غصبهم إياها المسلمون يعني كان المسلمون يتجرأون على النصارى ويأخذون بيوتهم فمثلا شكا أهل الذمة إلى عمر أن المسلمين أخذوا منهم منازلهم
فأرسل إلى أميره على مدينة اسمها قنصرين أن أخرج المسلمين من بيوتهم وأرجع البيوت إلى أهلها من أهل الذمة
لا مجاملة في الباطل، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
وحافظ عمر على كنائسهم ولم يوافق أبدًا على أن كنيسة تنضم إلى المسلمين لا بالرضا ولا بالغصب.
في العهود السابقة على عمر هناك مساجد مازال قائمًا إلى يومنا هذا اسمه المسجد الأموي فأرادوا أن يوسعوه فوسعوه بكنيسة بجواره
فأخذوا الكنيسة حق النصارى وضموها إلى المسجد فلما تولى عمر الخلافة اتى إليه النصارى وطلبوا أن يجلسوا معه مجلسا لكي يستردوا الكنيسة من المسجد مرة ثانية التي أخذها الوليد بن عبد الملك،
وكان على عمر وهو العادل الرحيم أن يرد عليهم ما أخذه الوليد منهم، ولكنه جلس معهم أيامًا ثلاثًا في مفاوضات فخيرهم بين ما سألوه أنهم يطلبوا إن الكنيسة ترجع
فقال لهم اعطوني العهود التي بيننا وبينكم فجابوا العهود لقا مكتوب فيها ايه؟ أن المسلمين صارحوهم من قبل على خمسة عشرة كنيسة ومنها الكنيسة المنضمة إلى المسجد
وطلب عمر حصر الكنائس الموجودة في الشام فإذا هي أصبحت كثيرة وبنى النصارى كنائس كثيرة جدا
عمر يرى أن طلبهم على حق يطلبون إن الكنيسة المغتصبة ترجع إليهم، مبدأيا هما على حق، فأمر عماله بحصر
فقال حاضر سأرد لكم كنيستكم ونهدم الكنائس التي بنيتموها دون أمر الدولة خلسة يعني
قال لهم لا مشكلة أنا سأقوم بنفسي بهدم الجزء في الكنيسة لكم لكن سنهدم أيضًا جميع الكنائس التي بنيت دون أمر الدولة
طبعا حكمه مزلزل طبعا ذكاء إيماني عالي فخيرهم ما سألوه وتخريب هذه الكنائس كلها أو أن تبقى هذه الكنائس ويطيب نفسا بالمسلمين هذه البقعة
فاتفقوا بعد أيام ثلاثة من المفاوضات على إبقاء هذه الكنائس وأن يكتب لهم كتاب أمان بها ويطيب نفسا بهذه البقعة فكتب لهم وهكذا لم يتعصب عمر للإسلام
ويأخذ كنائس ليست للمسلمين، ولكن المعروف عنه أن جميع الكنائس التي اغتصبها أهل السلطان من بني أمية أو أهل النفوذ من المسلمين لم يقبل لم يقبل لم يقبل وأرجعها إلى أصحابها من النصارى بعز عزيز أو بذل ذليل.
محاضرة اليوم مهمة جدا لأنها لامست 3 أماكن الإسلام في قبرص ولماذا لم يستمر المسلمون في قبرص؟ لشدة ظلم بني أمية
أما البربر فكانوا يشعرون بالظلم وعملوا ثورات جدا وأنا متعجب كيف أنك تذهب إلى واحد تأخذ منه الضرائب
ولم يفعل ذلك في تاريخ الإسلام أن يؤخذ الأبناء والبنات سبيا، معروف من أيام سيدنا عمر رضي الله من ضعف عن الجزية لا يدفعها وندفع له راتب لكن أن تأخذ أبنائه وبناته وتبيعهم للناس مقابل أنك تضع فلوسا في بيت المال هذا الكلام عمر لم يقبله
أصحاب النفوس السوية أمثال الخليفة عمر لا يعرفون الضيم ولا يعرفون الظلم ولا يعرفون القسوة ولا يعرفون الجور، حق لهذا الخليفة الراشد أن يدخل في قوله تعالى
"إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)" المؤمنون


تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض