الحمد لله رب العالمين، لك الحمد كله ومنك
العون كله وإليك يرجع الأمر كله.
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ
عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123).
من مجالسة الأخيار إلى مجالسة الأبرار.
في كل ليلة نصعد مع الذين خلد الله ذكرهم.
عاشوا مع الله مشغولين، فشغل الله تعالى الناس
بهم.
فقيهنا الليلة وعالمنا الليلة وشيخنا وأستاذ
الخلفاء هو الإمام الحسن البصري رضي الله عنه.
السمة الرئيسة لأصحاب المناقب أنهم لا يقولون
شيئا إلا إذا فعلوه.
هم إذا قالوا علما لا بد أن يكون عملهم أسبق
من كلامهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من
صلى الفجر فجلس في مصلاه إلى أن تطلع الشمس كتب الله له أجر عمرة كاملة وحجة
كاملة.
فلما حدث بالحديث ظل يعمل به كل يوم حتى
استشهد.
هذا الحديث ذكره العلامة الألباني في كتابه
"صحيح الجامع".
من فعل هذا كتب الله أجر عمرة تامة، وحجة
تامة.
كنت آخذ من حكمه كلاما كانه كلام أنبياء.
كان يقول: تفقد الحلاوة في ثلاثة: في طول
القيام، في طول الصيام، في كثر ذكر الله.
ومن حكمه الربانية: من خاف الله أخاف الله منه
كل شيء.
وذكرنا في برنامج مجابو الدعاء أن احدهم كان
يحارب في أفغانستان، وبالليل ناما في المعسكر فترك المعسكر وخرج لكي يصلي فجاء أسد
فكان أحدهم يتابعه من بعيد فقال: الأسد آكله لا محاله، فجلس الأسد أمامه حتى إذا
فرغ الشيخ من صلاته ذهبا لأسد بعيدا وهو
يحرك ذيله.
كان هناك مولى مع النبي صلى الله عليه وسلم،
وركب في سفينة مع الناس، فانفلقت السفينة، فتعلق بخشبة، فوصل إلى الشاطئ، فجاءه أسد،
فقال له: أنا صحابي رسول الله، فتحول الأسد إلى حمار.
لما مات أتى صاحب الوديعة يسأل الورثة، فقالوا
لا نعرف، فذهب إلى الإمام الحسن، فقال له: اذهب عند بئر زمزم وناد عليه، فذهب وفعل
فلم يجبه أحد، فذهب إليه مرة ثانية، فقال له: اذهب إلى بئر برهوت، فنادى عليه فرد
عليه فقال له الوديعة في مكان كذا وكذا.
فتعلموا لله فثبت الله بهم العلماء.
قلت لك في المقدمة: إنه أستاذ الخلفاء.
كان عمر بن عبد العزيز أستاذه ومعلمه وقيهه
الحسن البصري.
حتى في خلال رحلتي مع الراشد وجدت أن مواعظ
عمر بن عبد العزيز هي نفسها مواعظ الحسن البصري، كأنهما يخرجان من مشكاة واحدة.
وكان دائما يذكر الناس بشيء اسمه صدقة السان،
فكان ينقل حديثا: "إن للسان صدقة، فقالوا وما صدقته؟ قال: الشفاعة عند
الناس".
ومما غفل عنه الناس موضوع
الشفاعة الذي غفل عنه الناس.
ولأجل هذا كان الناس يأتون إليه لكي يتعلموا
عنده ويجلسوا عنده، فإذا ما أخذوا من علمه شبعوا وانطلقوا إلى أماكنهم.
كان هناك ثلاثة يبحثون عن الذهب، الله تعالى
ليس في قلوبهم.
فلما مروا استوقفهم المكان عند بيته، فدخلوا
يطلبون الماء، فشاهدوا هذا العبد الصالح، فجلسوا معهم يومين فطابت لهم الحياة،
فجلسوا معه ثلاثة فطابت لهم الحياة.
فقال لهم: اذهبوا لكي تبحثوا عن الذهب، فقالوا
له: أنت الذهب، وظلوا يتعلمون معه العمر كله.
من دعي فلم يجب فقد عصى أبا القاسم.
فلما دخل ندى عليه فقال: يا أبو سعيد إن
انشغالك بالمال جعلك تلحن في كلام العرب، كان ينبغي لك أن تقول: يا أبا سعيد، فإن
من صحة الأديان صحة البيان.
وذات مرة كتب عامل رسالة إلى سيدنا عمر من
سيدنا أبي موسى الأشعري فكتب: من أبو موسى الاشعري إلى أمير المؤمنين عمر، فظل يهز
رأسه، فكتب بخطه من أبي موسى الأشعر. فقال: قنع كاتبك سوطا، وأخِّر عطاءه سنة.
العلماء الربانيون هم أنوارا لدنيا والآخرة.
لما مات أتى إلى أحد أحبابه فقال له: ماذا فعل
الله بك؟ فقال: رقاني إلى منازل الأخيار والأبرار، ورقاني إلى أعلى أعلى الفراديس
مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
علم العالم فيبقى يعلم ويتعلم إلى أن تقوم
الساعة، وكان يقول: لولا العلم لأصبح الناس كالبهائم.
وأخذ هذا من قوله صى الله عليه وسلم: الناس
ثلاثة إما عالم وإما متعلم، وأما النوع الثالث فهمج لا قيمة لهم.
ما الفخــــر إلا لأهل العلم إنهم
على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر
كل امرئ ما كان يحسنه والجاهـلون لأهل العـلم أعداء
فـفز
بعلم تعش حيـا ً به أبــدا الناس موتى وأهل العلم أحياء.
قال صلى الله عليه وسلم: النجاة في ثلاث
وأولها: صحبة عالم.
"هل أتبعك على أن
تعلِّمني مما علِّمتَ رشدًا" .
"قال إنك لن تستطيع معي صبرا".
موازين النبوة غير موازين أهل الولاية.
أهل الولاية يتلقون من الله مباشرة، وأهل
النبوة يتلقون من الوحي.
لا يتلقى إلا من الله بدون وسيط.
الحسن البصري م أوفه حقه، وأشكر ابن
الجوزيالذي عكف على جمع كلامه في موسوعة هي من أحسن ما قرأته في حياتي.
لماذا يرى أهل التهجد نهارًا وعلى وجوههم نور؟
فقال: لأنهم كانوا يجالسون الله ليلا ونهارا.
"تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ
الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنفِقُونَ (16)".
في مجال السير "أزهد أهل الأرض
"إمام الزهد والورع في الدنيا كلها. لأنهم لا يزالون يعيشون بيننا يموتون
وحياتهم موصولة فينا وموصولة قبلنا وبعدنا إلى قيام الساعة.
ظللت ستة شهر أبحث في كل المكتبات لم أجد
كتابا عن الحكيم الترمذي.
فذهب إلى شيخ الإسلام فقال له ستعمل فيه إن
شاء الله.
فرجع إلى بيته فنام، فجاءه في منامه، فقال له:
كتبي في مكان كذا وكذا.
اللهم كا أحييت بهم الإسلام أحي قلوبنا بحبهم،
فإن الكلام عنهم حياة، والكلام عنهم حب، بذكرهم تنزل البركات.
عشنا مع السابقين غلى الل فارتفنا بهم عشنا مع
فاتحي القلوب فتنورنا بهم، عشنا مع المخصوصين بدعوة النبي فارتفعنا بهم.
وها نحن نعيش مع أصحاب المناقب.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه الطيبين الطاهرين.