(الادّعاء
بتناقض الآيات القرآنية)
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدك ربنا لا إله إلا
أنت حمدا يملئنا نورا، وفتحا وسرورا وإشراقا، وابتسامة في روضة من رياض الجنة،
نتدارس فيها العلم نردّ فيها على الملاحدة نثبت فيها الإيمان عند المؤمنين، ونأخذ
المتحولين مرة ثانية إلى ساحة الحق، نحمد الله تعالى أن جعلنا من دعاة الحق. والصلاة
والسلام على خير الأنام الذي هدى الله به الأنام، وأتى الله به بالسلام، فكان نورا
مبينا وسراجا نيرا منيرا، وعلى آله وصحبه الأخيار الأبرار.
إنَّ هذه المناظرة -بفضل الله سبحانه وتعالى-
سنتناقش من خلالها مع أحد الملاحدة الذي قال لي قبل أن أدخل معه في المناظرة: لا
تُحرجني أمام الناس ولا تُلقِي السَّلام عليَّ، فإنِّي لَنْ أردَّ عليك السَّلام،
ولا حرج هو للأسف كان مسلمًا، ومعظم ضيوفي هذا العام من الملاحدةِ مِمَّن كانوا
مسلمين إشارة إلى أنَّ الإلحادَ يُحاول أنْ يخترقَ المجتمع، فهم يحاولون أن
يجيِّشوا ملايين الشباب ويزرعوا في داخلهم أفكارًا عقيمةً.
فقال الأستاذ الملحد: أنا أعترض على كلامك، قلت
له: لماذا؟ قال: كما أن الإيمان عقيدة يعني أنت عندك إيمان، أنت عندك عقيدة،
وبالتالي فأنا عندي إلحاد وعندي عقيدة في الإلحاد، قلت له: لكن إيماني ثابت لا
يتحول أما أنت فإنك متحول، فقال لي: لا، أنا متحول إلى الحق، أما أنت فإنك ثابت
على الباطل.
أحبابي الكرام، تأملوا طريقة تفكير الملاحدة
الذي يتلاعبون فيه بالألفاظ، وأنا طبعا لن أرد عليه - الآن - لندع الدرس نفسه يرد
على حضرته.
التعريف
بالملحد
أحبابي الكرام، اسمحوا لي إلى أن أقدم
تعريفًا بحضرة الملحد؛ فحضرته يقول: عندما كنت مسلما كنت أقرأ القرآن الكريم كثيرا،
وقرأته ست مرات تقريبا، ولم ألاحظ أي خطأ أو تناقض فيه - هذا كلامه - لأنني كنت
مقتنعا أيامها أنه كلام الله، ويستحيل أنْ يوجد خطأ، ولو بسيط في كتاب الله تعالى،
ولم أر أيامها وأنا مسلم في كتاب الله تعالى إلا كل ما هو جميل، ولكنني بعد
الإلحاد وبعد أن أيقنت أنَّ الله غير موجود أدركت أنَّ القرآنَ كلامٌ بشريٌ.
أحبابي الكرام، أرجو منكم أن تركزوا معي
تركيزًا شديدًا؛ لأنَّ الملحد يقول: أدركت بعد الإلحاد أن الله غير موجود، وأن
القرآن كلام بشري، وهو مُؤلف قبل عدة قرون وبالتالي يجب أن تكون فيه أغلاط وأخطاء،
ولذا بدأت أقرأ كأنني أقرأ كتابا عاديا وبعين الناقد، وليس بعين المسلم، فوجدت فيه
أخطاء كثيرة، وتناقضات تشير إلى أنه ليس من كلام الله...
معظم
الملحدين مأجورين بهيمنة فكرية عالية
أحبابي الكرام، سنأخذ أولا إشارة إلى أنَّ
كلام الملحد ينبني على أساس خاطئ، أولا يقول: "أنا وصلت إلى قناعة أنَّ الله
غير موجود"، وأنا سأسألك سؤالا عزّيزي الملحد: ما الذي جعلك تعتقد أنَّ الله
غير موجود؟ ما الأسباب التي دفعتك إلى الاعتقاد إلى أن الله غير موجود؟ فسكت طبعا،
وهؤلاء الملاحدة معظمهم لا أحب أن أقول: إنهم مأجورون، ولكن مدفوعون بتأثير، أو
بهيمنة فكرية عالية، وإني أسأله مرة أخرى:
الإنسان
مفطور على الإيمان، لا الإلحاد
ما الجديد في حياتك أنت -أيها الملحد- الذي
كنت مسلما؟ وما الجديد في حياتك الذي جعلك تعتقد أنَّ الله غير موجود؟ فسكت، ثم
قال: كما أن الإيمان فطرة، فإن الإلحاد فطرة، وكما أنَّ الإيمانَ غريزة فإنَّ
الإلحادَ غريزةٌ، قلت له: هذا الكلام متناقض جملة وتفصيلا؛ فالغريزة تكون في عالم
الحيوانات والفطرة في عالم الإنسان، والإنسان مفطور على الإيمان، وليس على
الإلحاد، دعني أوضح لك صديقي الملحد لو كنت في سفينة صديقي الملحد، وأوشكت هذه
السفينة أن تغرق ماذا تفعل؟
فسكت ينظر لي شزرا، يقول لي: ماذا أفعل؟ سوف
أنظر إلى السماء، قلت له: ولماذا نظرت إلى السماء؟ فسكت، ولماذا مددت يديك إلى
السماء؟ فسكت.
أحبابي الكرام، أنا - الآن - أعطي له أسئلة
لكي أهدم - عن قصد مني - العقيدة الباطلة التي جعلته يتحوّل من الإسلام إلى
الإلحاد؛ فأنا أريد لهؤلاء أن يقدموا لنا مبررات دفعتهم إلى أن يتركوا الإسلام،
وأن يبتعدوا عن الإسلام؛ لاعتقادهم الباطل أن الله غير موجود، وهذه فرضية مستحيلة،
وهي فرضية عدم وجود الله، فرضية لا يقبلها عقل ولا منطق؛ لأنه لا يمكن للكون أن
يسير أقل من الثانية، أو قل من الثانية إلا بقدرة الله -سبحانه وتعالى- وعندنا
آلاف الأدلة على هذا لن أتكلم عن قضية الإيمان، ولكن الملحد يقول:
عندما كنت مسلما كنت أقرأ القرآن، وأتقبله
وأقول: إنه كلام الله وليس فيه تناقض، وكله جميل أما الآن بعد أن أصبحت مُلحدًا
بِكُلِّ فخر هو يقول هذا وجدت أنَّ القرآن من كلام البشر.
قت للملحد: ولماذا لا يكون من كلام الله؟
فقال: هل أنت غبي، قلت له: لماذا؟ قال لي: ألم أقل لك إنَّ الله غير موجود، يعني
أنَّ القرآن من كلام البشر، قلت له: لا استنباطك خطأ؛ فلو أنَّ الله غير موجود -يا
أستاذ يا مثقف يا ملحد يا عربي- ما كان هناك هناك قرآن أصلا؛ إذ يبقى القرآن كتاب
بشر، لكن كلمة قرآن مربوطة بالله، كلمة قرآن مربوطة بالله طالما أنك تتكلم عن
القرآن؛ فإنك إن تكلمت عن الله تكلمت عن القرآن، وإنْ تكلمت عن الله تكلمت عن
القرآن؛ فأنت الآن تنطلق من بدهيات خاطئة، وهي أنَّ القرآنَ كلامُ بشرٍ.