من دواعى تجديد الفكر الإسلامي تجدد الحوادث: لا مناص من الاجتهاد والتجديد؛ لتنزل نصوص الشريعة على الحوادث المتجددة بفهم عصري وشرعي؛ لأنه لا بد أن تقع حوادث في المجتمعات المتعاقبة، ولا توجد نصوص تنص على حكمها، ولا يوجد اجتهاد للسابقين من أسلافنا فيها، فلا بد من الاجتهاد حينئذ. ((إِن مسَائِل الْعَصْر تتجدد ووقائع الْوُجُود لَا تَنْحَصِر، ونصوص الْكتاب وَالسّنة محصورة محدودة فَكَانَ الإجتهاد فِي الْأُمُور المستحدثة حَاجَة إسلامية ملحة لمسايرة ركب الْحَيَاة الإنسانية تَلْبِيَة لهَذِهِ الْحَاجة قد قَامَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَمن بعدهمْ من التَّابِعين وأتباعهم وأئمة الْإِسْلَام وفقهاء الْأمة بالاجتهاد فِي الْمسَائِل المستجدة فِي عصورهم، وَصَارَ الاجتهاد منحة ربانية مستمرة يتمتع بهَا الْمُسلمُونَ بجهود الْمُجْتَهدين الْأَكفاء فِي كل زمَان وَمَكَان، وَلم تكن خَاصَّة بعصرٍ دونَ عصرٍ وبمصر دون مصر حَتَّى يفهم، ونعوذ بِاللَّه تَعَالَى أَن رَحْمَة الله عز وَجل صَارَت عقيمة بعد ذَلِك، وانقطعت عَن الْعلمَاء الْمُتَأَخِّرين المتأهلين، وَلَا شكّ أَن هَذَا الاعتقاد بإنتهاء الاجتهاد والمجتهدين تحجر رَحْمَة الله الواسعة وَحكم على قدره وقضائه بِدُونِ علم يشبه بصيحة فِي وَاد وَنفخ فِي رماد أَمَام قَول الله عز وَجل: {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم}))