الوسطية
والوسطيَّة ليست محصورةً في جزئية من الجزئيات، بل ولا في ركن من الأركان! وإنما هي منهج متكاملٌ شاملٌ، لا ينفصل بعضه عن بعض، فالإسلام كلّه وسطٌ، ولذلك فهذه الأمَّة هي أمَّة الوسط: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة 143] .
والذين يغفلون عن هذه الحقيقة يغفلون عن جوهر القرآن ومقاصده.
ومن هذا المنطلق جاء القرآن الكريم مقرّرًا لمنهج الوسطيَّة في أبواب العبادات، والاعتقاد، والحكم والتحاكم، وفي باب الجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغيرها من الأبواب والمجالات.
والناظر في كتاب الله لا يتلو بضع آيات إلا ويجد فيها ذلك صراحة أو إيماءً
ورد في القرآن الكريم الإشارة إلى وسطية الأمة الإسلامية وذلك في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143].
وتقاربت أقوال المفسرين في المراد من الوسط في الآية فالزمحشري عرف الوسط بأنه: ((العدل بين الأطراف ليس إلى بعضها أقرب من بعض)).
يذهب ابن كثير إلى أن ((الوسط هاهنا: الخيار الأجود كما يقال: قريش أوسط العرب نسباً وداراً أي خيرها))