بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، وأمره جل جلاله بين الكاف والنون سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته
ترى قدرة الله تعالى في كل شيء في الشمس وضحاها في الليل إذا عسعس في الصبح إذا تنفس في رفع السموات بغير عمد، في بسط الأرض على ماء جمد
أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا، وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا، إله مع الله بل أكثرهم لا يعملون
وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وغياث المستغيثين وأمان الخائفين
أمن يجيب المضطر إلى دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أي لا هم مع الله قليلاً ما تذكرون
وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه وخليله
محمد أشراف الأعراب والعجم، محمد خير من يمشي على قدم
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله
عدد ما أحاط به علمك وجرى به قلمك وشهدت به ملائكتك وأحصاه كتابك وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
يسعدني أن ألتقي بكم في هذه الخطبة المباركة في دولة إسبانيا في مدريد، في هذه الخطبة التي جعلت لها عنوانا واختصرتها في لوحات حتى أيسر الأمر عليكم
فلولا أنه كان من المسبحين
الله جل جلاله عندما حدثنا عن سيدنا يونس عليه السلام في سورة الأنبياء وفي سورة الصافات ترى عجبًا، قصة عظيمة لا يقولها إلا الله رب العالمين
سيدنا يونس عليه السلام بعث إلى مدينة في العراق الحبيب تسمى نينوى وأخذ اسم يونس ذا النون من نينوى ومكث معهم دهرًا طويلا ولكنهم لم يستجيبوا له ولم يتفاعلوا معه
كما هو الحال مع كل الأنبياء في بداية عهدهم مع البشر، فلم يصبر عليهم
(وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه)
أي ظن أن رسالته لن تبلغ وأن الناس لم يستجيبوا وسيبقى العميان على عميهم وسيبقى الضالون على ضلالهم
فخرج يونس عليه السلام يلتمس أرضا أخرى غير الأرض التي كلفه الله تعالى بها، وهو مكلف بهذه الأرض
وسيبقى في هذه الأرض وإن خرج منها يوما سيعود إليها يوما ما وكل منكم أيها الأحباب مكلف برسالة
أنت هنا في إسبانيا، أنت في مصر، أنت في غانا، أنت في المغرب، أنت في الجزائر، مكلف برسالة لا تعتقد أن الإسلام قصر على العلماء وعلى العارفين بالله والأولياء وكذا
كل مسلم في كل مكان في عمله في متجره في عمارته التي يحيا فيها في مكانه في سكنه المتواضع أنت تمثل الإسلام وتمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنا اخترت اليوم هذه القصة بعناية لكي يعرف كل مسلم في جنبات الأرض ومشارقها ومغاربها أنه مكلف برسالة ومادام الإنسان مكلفا برسالة يستميت أقول: يستميت يجاهد يصبر وهذا ميثاق الأنبياء
(ولقد كُذب رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا)
النهاية واضحة أوضح من الشمس في عليائها، حتى أتاهم نصرنا، (ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين)
النصر أيها السادة الكرام، أيها الأخوة المؤمنون قد يتأخر يوم ما، راية الإسلام قد تخفق يوما ما ولكن شعارنا وميثاق حياتنا
(حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)
خرج يونس عليه السلام وما كان ينبغي له أن يخرج لكن لحكمة وتدبير رباني سنعرف القصة بعد قليل
فوقف على شاطئ فجاءت سفينة، فركب السفينة، فكان حملها ثقيلا فأقرعوا بينهم فأتى الدور على يونس، فألقوا به كأن الحوت كان ينتظره
وهذه اللوحة الثانية (فالتقمه الحوت وهو مليم)
ينتظر قضاء الله هو الآن ليس مخيرا في شيء، إنه يسير بأمر الله ولا يدري أين حتفه ولا أين منتهاه فالتقمه
الفاء هنا معناها إن الحوت كان ينتظره، إن الحوت كان مرتبا أمرا من الله سبحانه وتعالى فـ يعني مجرد ما سيدنا يونس بعد القرعة ألقي به في البحر أو في بطن الحوت، الحوت هذا يا سادة يا كرام يأكل كل يوم 4 آلاف كيلو طن سمك يعني 4 طن والحوت الذي كان مع سيدنا يونس كما ذكر المفسرون الكبار رضي الله عنهم طوله 24 مترا
طول هذا الحوت على أصح الروايات يعني لو أكل أكلته الطبيعية لمات يونس عليه السلام
لو دارت الأجهزة الهضمية عنده بعد أن استقر يونس في بطنه، ما احتمل يونس أن يبقى ثانية واحدة، لكن الله الملك القادر أرسل أمرًا إلى هذا الحوت أن يحافظ على عبده يونس عليه السلام
فظل الحوت صائما أربعين ليلة بأمر الله (إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون).
فلما استقر يونس عليه السلام في بطن الحوت ماذا فعل؟
اللوحة الثالثة: فنادى في الظلمات، الظلمات الثلاثة، الظلمة الأولى ظلمة بطن الحوت، الظلمة الثانية ظلمة البحر والظلمة الثالثة ظلمة الليل لأنه لا نهار يظهر عنده، فماذا نادى؟
(وذا النون إذ ذهب مغاضبًا فظن أن لن نقدر عليه فنادي)
تأمل وكلكم تعرفون العربية جيدًا نادى بخلاف دعا، يعني عندما الإنسان ينادي يا أحمد يا إبراهيم، ماذا عندما ينادي وهو في بطن الحوت ولا يسمعه إلا الله يا الله
من يسمعه إلا الله؟ ومن يعلم بحاله الله؟ ولذا كلما ضاقت الحياة عليك. وكلما طال ليلك وتأخر الفرج عليك فلا تنادي إلا الله
فلن يغيثك إلا الله، ولن يعينك إلا الله، ولن يقويك إلا الله، ولن يأخذ بيدك إلا الله
فنادى ولم يقل فدعا ولكن قال فدعا يعني بكل كل أعصابه نادى فنادى وبعدين حرف الفاء كمان
لما استقر سيدنا يونس لم يتباطأ ولم يستمهل نفسه ولم يسترح من وعثاء السفر ولكن أول ما استقر في بطن الحوت
الفاء فاء التسريع والتعقيب
مطلقا أنه أدرك أنه لا مفازة ولا نجاة ولا نجاح إلا أن ينجو بكنف الله الملك
(فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)" الأنبياء
هذه الجملة العظيمة أيها الأحباب الكرام التي نادى بها يونس عليه السلام ذو النون، لابد أن نقف معها وقفات ثلاثة
الوقفة الأولى: أن سيدنا يونس عليه السلام جمع فيها أمورا ثلاثة، أولا التوحيد لا إله إلا أنت، ثانيًا: التقديس لله سبحانك، سبحانك، سبحانك، ثالثًا: الاعتراف بالذنب (إني كنت من الظالمين)
احفظوها جيدا وكلكم يحفظها، طبقوها في حياتكم قال سيدنا صلى الله عليه وسلم: دعوة أخي يونس سماها دعوة ولم يدعو هو يستغفر يسترجع يظهر عظمة الملك
ولكن النبي اعتبرها دعاء لكل مكروب لكل مسجون لكل أسير لكل تعبان لكل مريض لكل مضطهد لكل مهمش
فنادى قال صلى الله عليه وسلم: دعوة أخي يونس لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
ما قالها مكروب إلا فرج الله عنه ما قالها مهموم إلا فرج الله عنه أي أنها دعاء للنجاة من الكرب، دعاء للنجاة من الكرب، دعاء ممتاز وعظيم ومجرب
أي إنسان منا مر بأزمات قاسية تقسمه ظهره في حياته، واستجار بالله كما علمه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا بها كثيرا وأكثر من قولها إلا فرج الله عنه خذها قاعدة مسلمة لا ريب فيها ولا شك فيها
ما قالها مكروب إلا فرج الله عنه ما قالها مديون إلا قضى الله عنه، ما قالها مهموم إلا فرج الله عنه، ما قالها متعسر إلا قالها الله له، وهكذا، جعل الله تعالى النجاة في هذه الآية
ولذا اللوحة الرابعة فنجيناه من الغم.
(وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) ما النتيجة؟
أن الله تعالى استجاب له أن الله تعالى فرج عنه، أن الله تعالى رزقه الفرج من حيث لا يحتسب "فنجيناه من الغم"
هل سيدنا يونس كان في غم؟ نعم كان في غم شديد كان في قاع مكفرة مظلمة لا يعرف مستقره ولا يعرف منتهاه
ولكن الحقيقة اللوحة الرئيسة التي بدأت بها وهي قوله تعالى (فلولا أنه كان من المسبحين)
ننتقل من سورة الأنبياء التي كنت فيها إلى سورة الصافات ما القضية التي جئت كي أحدثكم عنها؟
كلمة واحدة بس، (فلولا أنه كان من المسبحين)
يعني لو جلس يونس واضعًا يده على خده متحسرًا على ما حدث وظل صامتًا لم ينطق ببنت كلمة ولم يناجي الملك ما النتيجة؟ اسمع واستمتع
(فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) الله أكبر، وهنا القصة والعبرة أن التسبيح نجاه أن الأنس بالله نجاة أن الاعتصام بالله تعالى نجاة، أن ذكر الله تعالى عند الشدائد نجاه
والقرآن يعلمك أن يونس عليه السلام لم يدعو ولا مرتين ولا ثلاثا ولكن ظل فنادى
وتلاحظه العناية الإلهية ما دمت ذاكرا ذكارا شاكرا شكارا مسبحا آناء الليل وأطراف النهار ذاكرا بكرة وأصيلاً
فاعلم أن عناية الله تعالى معك، وأن لطف الله تعالى معك وأن الله تعالى لن يخذلك أبدا ولكن بشرط
الشرط الذي نتحدث عنه الآن الاستمرار في الذكر في العبادة في الطاعة بكرة وأصيلا آناء الليل وأطراف النهار يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا
عندما تكلم عن الصلاة قال وأقيموا الصلاة دون سقف لها وعندما تكلم عن الزكاة قال وآتوا الزكاة دون سقف لها
ولكن عندما تكلم عن الذكر الشيء الوحيد في القرآن الذي جعل له الله سقفًا عاليًا
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا)
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله) يعني فئة ظالمة فئة منحرفة فئة عصابية فئة ضلالية
لن تصل إليك أبدًا أبدًا مادمت ثابتا ومثبتا
(فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون)
وظل يونس عليه السلام ينادي والنتيجة أيها الأحباب فنجيناه من الغم.
فنجيناه من الغم بعدها كذلك ننجي المؤمنين
النجاة التي نجى بها الله تعالى بها يونس عليه السلام هي نجاة لك ونجاة لك ونجاة لك ونجاة لك
إن نجاة المؤمنين أيها المؤمنون إن نجاة المؤمنين في هذه اللوحة البديعة في سورة الأنبياء فيما نجى الله تعالى به يونس عليه السلام
(فنجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين)
ننجي فعل مضارع كما تعرفون مستمرا، ننجي المؤمنين يعني نجاة المؤمنين مستمرة بشرط أن يناجوا ربهم سبحانه وتعالى بما ناجى به يونس عليه السلام
(فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون)
وعندما أراد الله تعالى النجاة لسيدنا يونس أمر الله تعالى الحوت أن أخرج عبدي يونس
قال لا أستطيع يارب أنا أبلع فقط أنا استقبل أما الإخراج فما يكون إلا بأمرك أنت، طول الحوت يا سادة الكرام 24 مترا
يعني سيدنا يونس محتاج قوة دفع يعوم يعوم إن صح التعبير يعوم داخل بطن الحوت 24 مترا مسافة عمارة
فقال الملك وحق له أن يكون الملك (فنبذناه)
في الالتقام فالتقمه الحوت لكن في الإخراج فنبذناه بالعراء وهو سقيم ثم تجلت عناية الملك، انظر: سيدنا يونس يا سادة يا كرام بعد أربعين يوما في بطن الحوت جسمه تآكل وشعره تساقط وجلده احمر وتساقط محتاج عناية مركزة يحتاج لطفا من الله سبحانه وتعالى فنبذناه بالعراء يعني على شاطئ البحر
في لحظة لو ترك يونس عليه السلام لحظة واحدة دون إنقاذ رباني لمات، جسمه لا يحتمل أي ميكروبات أو أي فيروسات أو كذا جسمه متسلخ، انظر إلى قدرة الملك إلى عناية الخالق، إلى لطف اللطيف
(فأنبتنا عليه شجرة من يقطين) في لحظة لم يكن هناك في المكان شجرة، في لحظة واحدة أنبت الله تعالى عليه شجرة من يقطين فلفت يونس عليه السلام
لو تكلمت عن الإعجاز في اليقطين أشبه بالقرع العسلي سيحتاج محاضرات طويلة، لكن الله تعالى لطف بسيدنا يونس عليه السلام فلفته أوراق الشجرة وظلت تلفه حتى عاد جسمه سليما كما كان
أين يذهب يونس؟ بعد أن شفاه الله وعافاه الله وتعلم الدرس وتعلمنا الدرس معه، ما النتيجة أيها السادة الكرام؟
سيعود إلى قومه، صاحب الرسالة يتلبد بالرسالة يتمسك بالرسالة كما خرج من نينوى سيعود إلى نينوى
درس لكل الدعاة ولكل المسلمين
ولكل أصحاب الرسالة، المكلف برسالة لا يمل لا يتعب يبقى صابرا لأن الله تعالى هو المكلف وهو المكلف الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا
مادام الله تعالى كلفك برسالة حتى لو صعبة عليك حتى لو تكسر ظهرك لكن اعلم طالما إن ربنا هو اللي كلفك بيها
فإنه قادر وقادر وقادر أن يعينك، ودائمًا نقول المكلف يعان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المعونة على قدر المؤونة) يعني ربنا يعطيك الإعانة على قدر الحمل
فإذا كان حملك عظيما قويا فلابد أن الله تعالى يعينك فوق فوق فوق ما تصورت، ماذا حدث معك يونس؟
(وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا)
القوم الوحيد الذي لم يظهر فيه مشرك قوم سيدنا يونس ولا واحد أشرك بالله
(فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس)
والقرآن جعل سورة كاملة اسمها سورة يونس التي أقرأ بها الآن، وسأقرأ بها في صلاة الجمعة إن شاء الله
(فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين)
لما عاد يونس عليه السلام فإذا بالقوم جميعا ينتظرونه وإذا بهم يقولون في صوت واحد نشهد أن لا إله إلا الله. وأن يونس عليه السلام رسول الله
هكذا أختم خطبتي ولا اختم محبتي ولا مودتي التي كان عنوانها لمن أتي متأخرا فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون
أخيرا أيها الأحباب الكرام الله جل جلاله عندما يقص علينا هذه القصص
كل كلمة فيها عبارة وقد اختصرت مراعاة لظروفكم
لو أردت أن أشرح هذه اللوحات بعمق شديد لاحتجت أياما وليال، ولكن لابد أن نعرف أن الله تعالى أراد أن يعلمنا كل كلمة قلتها لك في درس اليوم
وفي لوحة شرحتها ببساطة شديدة تحتاج إلى آلاف الكتب وآلاف الرسائل ولكن سأختصر بقوله تعالى، واستمتع معنا بهذا الختام لهذه الخطبة
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، سبحانه من له الجلال، وله الكمال، وله العظمة والكبرياء، سبحانك ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
والصلاة والسلام على خير الأخيار، وإمام الأبرار عدد أوراق الأشجار، ومثاقيل البحار، وذرات الرمال
وعدد ما أظلم عليه الليل، وأشرق عليه النهار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة
قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم) الحديث في الصحيح عند الإمامين البخاري ومسلم
ماذا أريد أن أقول؟ كلمة أختم بها خطبتي، الدين النصيحة، أنتم هنا في أوروبا في إسبانيا كل مسلم منكم صاحب رسالة
كما ذكرت في الخطبة الأولى، ينصح إذا لم يصلح الأسبان ينصح المسلمين ينصح نفسه، في مراتب للنصيحة
وأنا وجهة نظري أن سلوك المسلم في حد ذاته استقامة المسلم مع نفسه في عمله في سكنه ليس مشاغبا ليس يحب الهم ليس كذا
يتأسى برسول الله صلوات ربي وسلامه عليه. نحن نكسب أرضًا عظيمة باستقامتكم، استقامتك رسالة، أنك في حالك رسالة
لا تشاغب مع أحد رسالة، تقابل الأسبان والألمان وغيرهم بوجه طلق بوجه حسن لست مكشرا ولا مقضبا جناحيك هذه رسالة
هذه الرسالة يا سادة كرامة عنوانها (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)
أيها الأحباب إني داع فأمنوا:
أقسم بك عليك يا الله يا أرحم الراحمين يا رجاء السائلين نسألك إيمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم في الجنة.
اللهم اهدنا واهد بنا وثبت بنا الهداية افتح لنا وبنا أبواب الهداية
اللهم سددنا وسدد بنا
اللهم ثبتنا وثبت بنا
اللهم انصرنا وانصر بنا
اللهم أعنا وأعن بنا
نسألك لسانا صادقا لسانا ذاكرا ذكارا وقلبا شاكرا شكارا وبدنا صابر صبورا
اجعل هذا المكان شاهدا لي ولكم يوم القيامة
اذكرنا الآن في الملأ الأعلى
جئنا ابتغاء وجهك الكريم لا نرجو إلا رضاك فارض عنا يا الله
اجعلها جمعة الرضا اجعلها جمعة الفرج اجعلها جمعة الصلاح اجعلها جمعة الهداية لكل من حضرونا ولكل من شاهدونا
ولكل من تابعونا اقذف رجاءك في قلوبنا حتى لا نرجو أحدا سواك يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء
نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك، نعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع
ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يسمع ومن عمل لا يتقبل اقبلنا مع المخلصين
وبلغ الآن صلاتنا وسلامنا إلى حبيبك وحبينا فإن صلاتنا تبلغه الآن كما بلغ الحبيب صلى الله عليه وسلم
بلغ الآن صلاتنا إليه واجعل صلاتنا وسلامنا عليه تفريجا لهمنا وإقالة لعثراتنا وتوسعة لأرزاقنا
اغننا بحلالك عن حرامك واكفنا بفضلك عن من سواك.
اجعلها جمعة التوبة وجمعة الهداية وجمعة الرضا وجمعة القبول إنما يتقبل من المتقين اجعل عملنا صادقا خالصا ولك خالصا يا رب العالمين.