حول آداب
المجالسة
الحمد لله رب
العالمين، واهب الإنعام، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا
بالله العلي العظيم، والصلاة والسلام على خير الأخيار وإمام الأبرار، المبعوث من
تهامة، المنعوت بالعلامة، وعلى آله الطيبين وصحابته الغر الميامين.
درس اليوم إن شاء
الله تعالى حول آداب المجالسة، الكلام عن الرفقة الصالحة ووجود الرفقة الصالحة في
حياتنا مطلب شرعي أساس في صميم الدعوة، الرفقة الصالحة لها صور ولها أشكال ولها
نماذج، فهنالك الرفقة في السفر، وهنالك الرفقة في الزواج، وهناك الرفقة في
الدراسة، وهناك الرفقة في العمل.
فضل الرفقة
الصالحة:
قال النبي صلى
الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ
صاحِبِ المِسْكِ وكِيرِ الحَدَّادِ، لا يَعْدَمُكَ مِن صاحِبِ المِسْكِ إمَّا
تَشْتَرِيهِ، أوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أوْ
ثَوْبَكَ، أوْ تَجِدُ منه رِيحًا خَبِيثَةً)) والرفقة
فيها من الملاصقة ما فيها {وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا } [النساء: 69]، هذا
الدرس لن يدخل في إطار الرفقة وإنما يدخل في إطار الملازمة، والملازمة جزء من
الرفقة الصالحة أو غير الصالحة، وقديمًا قالوا: الطيور على أشكالها تقع، قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْمَرْءُ عَلَى دِينِ
خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ))، إذا
جالست مؤمنًا ذقت معه حلاوة الإيمان وذكرك بالله تعالى، يسألك في الصباح الباكر:
هل أقمت الليل؟ هل صليت الضحى؟ هل سألت عن والدك المريض؟ تشعر أن الجليس المؤمن
يفتش عنك ويخاف عليك، وتحقيق كل هذه المعاني الجميلة ليس صعبًا، فلا بد أن تجتهد في
مجالسة الأخيار كي تفوح منك العطور الطيبة والرياحين الطيبة، وأنت إذا صحبت قومًا
كنت منهم، وإذا عاشرت قومًا كنت فيهم.
اسمح لي أن أحلق
بك على أجنحة الشوق مع آداب المجالسة الطيبة، قال تعالى: {واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}
[الكهف: 28]، وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ
أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]، يبحث سيدنا
موسى عليه السلام عن مجالسة الأخيار، فذهب إلى أحد الأخيار الكبار، شرف لك أن تذكر
اسمه على لسانك، فما بالك إذا رأيته؟ إذا رأيته رأيت بحرًا ليس له قرار، اسمه
الخضر عليه السلام، الذي لقيه موسى عليه السلام عند مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ،
والبحران هما البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وهناك من يقول أن مَجْمَعَ
الْبَحْرَيْنِ، أي أن موسى عليه السلام بحر في علوم الشريعة، والخضر عليه السلام
بحر في علوم الحقيقة.
لا أستطيع أن
أقول: إن الخضر عيله السلام أقل مرتبة من موسى عليه السلام، وموسى عليه السلام لم
يخرج في فسحة طويلة ولكن خرج لهدف معين وهو الارتقاء بحاله، وكثير من الناس يتركون
أهلهم وديارهم للبحث عن أحد الأخيار، وهذا زيد بن حارثة رضي الله عنه كان عربيًا
أصيلًا وترك أهله كي يجالس النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يكون نبيًا إعجابًا
بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، ازداد زيد رضي الله عنه في المحبة
حتى صار حِبّ النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه بحث عن مجالسة الأخيار، والذي خرج من
قريته متجهًا إلى قرية أخرى لكي يزور أخًا له في الله تعالى، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ((إنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى،
فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ
قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ ؟، قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟،
قَالَ : هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟، قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي
أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ
إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ)) وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ عَادَ مَرِيضًا
أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ
مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا))، فأنت
تزور لله تعالى وتذهب لله تعالى، فلا بد أن
تكون حبيبًا إلى الله تعالى.
عن أَبي موسى الأَشعَرِيِّ رضي الله عنه، أَن
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ
وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ
إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ
مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا
أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً))، هذا الحديث الشريف يصور لك حالتين؛ الحالة
الأولى: جليس صالح عبارة عن مسك فتشمّ مسكًا وتتعلم مسكًا، والحالة الثانية يخرج
نارًا، وفي الوقت نفسه يخرج رائحة نتنة، وكلٌ يختار المجلس الذي يحبّه، وهذه هي
المجالسة.
درس اليوم إن شاء الله تعالى حول آداب المجالسة، الكلام عن الرفقة الصالحة ووجود الرفقة الصالحة في حياتنا مطلب شرعي أساس في صميم الدعوة، الرفقة الصالحة لها صور ولها أشكال ولها نماذج، فهنالك الرفقة في السفر، وهنالك الرفقة في الزواج، وهناك الرفقة في الدراسة، وهناك الرفقة في العمل.
فضل الرفقة الصالحة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صاحِبِ المِسْكِ وكِيرِ الحَدَّادِ، لا يَعْدَمُكَ مِن صاحِبِ المِسْكِ إمَّا تَشْتَرِيهِ، أوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أوْ ثَوْبَكَ، أوْ تَجِدُ منه رِيحًا خَبِيثَةً)) والرفقة فيها من الملاصقة ما فيها {وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا } [النساء: 69]، هذا الدرس لن يدخل في إطار الرفقة وإنما يدخل في إطار الملازمة، والملازمة جزء من الرفقة الصالحة أو غير الصالحة، وقديمًا قالوا: الطيور على أشكالها تقع، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ))، إذا جالست مؤمنًا ذقت معه حلاوة الإيمان وذكرك بالله تعالى، يسألك في الصباح الباكر: هل أقمت الليل؟ هل صليت الضحى؟ هل سألت عن والدك المريض؟ تشعر أن الجليس المؤمن يفتش عنك ويخاف عليك، وتحقيق كل هذه المعاني الجميلة ليس صعبًا، فلا بد أن تجتهد في مجالسة الأخيار كي تفوح منك العطور الطيبة والرياحين الطيبة، وأنت إذا صحبت قومًا كنت منهم، وإذا عاشرت قومًا كنت فيهم.
اسمح لي أن أحلق بك على أجنحة الشوق مع آداب المجالسة الطيبة، قال تعالى: {واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28]، وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]، يبحث سيدنا موسى عليه السلام عن مجالسة الأخيار، فذهب إلى أحد الأخيار الكبار، شرف لك أن تذكر اسمه على لسانك، فما بالك إذا رأيته؟ إذا رأيته رأيت بحرًا ليس له قرار، اسمه الخضر عليه السلام، الذي لقيه موسى عليه السلام عند مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ، والبحران هما البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وهناك من يقول أن مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ، أي أن موسى عليه السلام بحر في علوم الشريعة، والخضر عليه السلام بحر في علوم الحقيقة.
لا أستطيع أن أقول: إن الخضر عيله السلام أقل مرتبة من موسى عليه السلام، وموسى عليه السلام لم يخرج في فسحة طويلة ولكن خرج لهدف معين وهو الارتقاء بحاله، وكثير من الناس يتركون أهلهم وديارهم للبحث عن أحد الأخيار، وهذا زيد بن حارثة رضي الله عنه كان عربيًا أصيلًا وترك أهله كي يجالس النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يكون نبيًا إعجابًا بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، ازداد زيد رضي الله عنه في المحبة حتى صار حِبّ النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه بحث عن مجالسة الأخيار، والذي خرج من قريته متجهًا إلى قرية أخرى لكي يزور أخًا له في الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ ؟، قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟، قَالَ : هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟، قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ)) وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا))، فأنت تزور لله تعالى وتذهب لله تعالى، فلا بد أن تكون حبيبًا إلى الله تعالى.
عن أَبي موسى الأَشعَرِيِّ رضي الله عنه، أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً))، هذا الحديث الشريف يصور لك حالتين؛ الحالة الأولى: جليس صالح عبارة عن مسك فتشمّ مسكًا وتتعلم مسكًا، والحالة الثانية يخرج نارًا، وفي الوقت نفسه يخرج رائحة نتنة، وكلٌ يختار المجلس الذي يحبّه، وهذه هي المجالسة.