الفتاح
اسم من أسماء الله تعالى الحسنى، ومعناه أنه هو الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده، ويفتح عيون بصائرهم ليبصروا الحق، ويتبعوا سبل السلام، وهو الذي يفتح على النفوس أبواب توفيقه، وهو الذي يفتح لهم الأبواب إلى ملكوته سبحانه، فالفتاح هو الذي بيده وبقدرته تفتح الأبواب والقلوب المغلقة.
ورد اسم الله الفتاح في القرآن الكريم في قوله – تعالى -: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيم}[سبأ:26].
وقال – تعالى -: { رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين}[الأعراف:89].
ويختص هذا الاسم بعدة خواص:
الأولى: أن الفتاح هو الذي بعنايته يفتح كل منغلق، وبهدايته يكشف كل مشكل، فتارة يفتح الممالك لأنبيائه، ويخرجها من أيدي أعدائه، ويقول: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا}[الفتح:1].
وتارة يرفع الحجاب من قلوب أوليائه، ويفتح لهم الأبواب إلى ملكوت سمائه، وجمال كبريائه، ويقول: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}[فاطر:2].
ومن بيده مفتاح الغيب، ومفتاح الرزق، فلا بد أن يكون فتاحًا .
انعكاسات وتجليات الاسم على حياة المسلم:
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله تعالى الفتاح، وآمنت به حق الإيمان، فإنه يتحقق لك عدة فوائد:
الأولى: يلتزم المسلم بالاستغفار:
قال الله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محَمَّد:19]، وقال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [ آل عِمرَان:17]، وقال تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النِّساء: 106]، وقال تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر :3]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفَال:33]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عِمرَان: 135]، وقال تعالى عن نوح عليه السلام: { فقلت اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إنه كان غفارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} [ نُوح: 10 – 12].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده، لو لم تُذنبوا، لذهب الله تعالى بكم، ولجاء بقومٍ يذنبون، فيستغفرون الله تعالى، فيغفر لهم».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه عز وجل، قال: «أذنب عبدٌ ذنبًا، فقال: اللَّهُمَّ اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد، فأذنب، فقال: أَيْ رَبِّ، اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب. ثم عاد، فأذنب، فقال: أَيْ رَبِّ، اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئتَ، فقد غفرتُ لكَ».
الثانية: يفي بالعهد ولا يغدر:
قال – تعالى -: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولا}[الإسراء:34].
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خَصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتُمِنَ خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدَر، وإذا خاصم فجر".
الثالثة: لا يؤذي المسلمين:
قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}[الأحزاب:58].
وقال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون}[الحُجُرات:11].
عن الزهري، قال: حدثني من لا أتهم من الأنصار، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: « من أحب أن يحبه الله ورسوله فليصدق الحديث، وليؤد الأمانة، ولا يؤذي جاره »( ).
الرابعة: يلتزم بذكر المولى عز وجل، وشكره على فتح أبواب الخيرية:
قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُون}[البقرة:152].
وقال تعالى {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِين}[الزُّخرُف:13].
الخامسة: يضع للمسلم أسباب النصر:
قال تعالى {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِير}[البقرة:107].
وقال – تعالى -: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم}[التوبة:40].
وقال تعالى: {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُون}[آل عمران:160].