الخلق يختلف عن التقدير أو القضاء

الرئيسية المقالات مقالات دينية

الخلق يختلف عن التقدير أو القضاء

الخلق يختلف عن التقدير أو القضاء

وكذلك يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} [الأنعام: 2]، وهنا تتكرر القاعدة ذاتها فالخلق أولاً، ثم القضاء ثانيًا، وآيات كثيرة جداً نجدها في القرآن تخبرنا بأن الخلق يختلف عن التقدير أو القضاء وهكذا ... مثلاً يقول تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف: 11]، وهنا من جديد نجد عملية الخلق، ثم عملية التصوير ولكل منهما زمن مختلف.

ونقول كنتيجة منطقية: إن الله خلق السماوات في أربعة أيام، ثم خلق الأرض خلال يومين... مجموع أيام الخلق 4 + 2 = 6 أيام.. ولذلك قال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38]، مع العلم أن حقيقة خلق السماء في أربعة أيام لم تذكر صراحة إنما نستنتجها بشكل منطقي؛ لأن القرآن ذَكَرَ مدة خلق السموات والأرض وذكر مدة خلق الأرض وبعملية حسابية بسيطة نستنتج مدة خلق السماء: 6 – 2 = 4 أيام.

أما زمن تقدير أقوات الأرض وإرساء الجبال وزمن تشكل الأنهار والبحار، فهذا لا يدخل ضمن أيام الخلق بل ضمن أيام التقدير، وكذلك مدة خلق السماء ليست هي ذاتها مدة فصل السماء إلى سبع سماوات بل لكل منهما زمن مختلف وهكذا – أحبابي الكرام، سلمكم الله تعالى وأحبكم - تتضح الرؤيا وتزول أوهام الملحد لعله يفهم.

أحبابي الكرام، إنَ صديقي الملحد يصرّ على طريقته وزعمه في أن القرآن يناقض بعضه بعضا، ويقول: إنَّ هناك آية في سورة الكهف تتناقض مع آية أخرى في سورة النحل، يقول تعالى في سورة الكهف: (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) [الكهف:27]، ويقول تعالى في سورة النحل: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[النحل: 101].

أحبابي الكرام، إنَّ الملحدَ قام، ووقف أمامي هذه المرة، وقال لي: إن كنت تعتقد أنك هزمتني في الجولة الأولى، فسأستطيع أن أتخلص منك، وأن أُلبسك ثوب العار والشنار الآن، قلت له: حسنا أهلا بك، أهلا بك، وأهلا بكلامك، قت له: يا صديقي الملحد يجب أن تعلم أن التناقض عندك أنت وليس عندي أنا وليس في القرآن الكريم.

قال الملحد لي: لماذا؟ ألم يقل في سورة الكهف لا مبدل لكلماته؟ قلت له: بلى، ثم قال الملحد لي: وفي سورة النحل، ألم يقل: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ } [النحل: 101].

أحبابي الكرام، لا يغرنّكم كلام الملحد.

فكل من يدعي في العلم معرفةً

 

علمت شيئا وغابت عنك أشياء

 لماذا؟ لأنَّ الآيةَ الخِطاب في سورةِ الكهف موجّه إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإلى الأمة كلها {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ}، اتلوا أنتم يا شعوب، ويا محمد اتلُ اتلُ، وأثناء التلاوة {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}[الكهف: 27]، لا تبدلوا كلاما مكان كلام، لا تُخفوا الكلم عن مواضعه، كما فعلت اليهود والنصارى.

كلام الله فوق البيان، وأعلى من البيان

أحبابي الكرام، أرجو منكم أن تركزوا معي جيدا؛ فقوله تعالى: {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}[الكهف: 27]، يعني: أن البشر لا يستطيعون أن يبدلوا كلام الله، فهذا مستحيل؛ لأنَّ كلامَ الله فوق البيان، وأعلى من البيان، وأرقى من البيان، وأسمى من البيان والتبيان، الله أكبر، سأعيد مرة ثانية.

 اسمح لي أيها الملحد أن أسألك: هل أنت مفرفش معي، قال لي: أنا أريد أن أشرب شاي، قلت له: نحن في صيام يا أخي فهل ستشرب شاي في نهار رمضان؟ قلت لا: اعذرني آسف، أعتذر من حضرتك، قال لي: أريد أن أتيقظ معك، قلت له: تيقظ وبعد المحاضرة أعدك سآتي لك بالينسون والقهوة، وكل شيء، ركز معي أرجوك.

لا يستطيع أحدٌ أن يُبدِّلَ في كلام الله تعالى

أحبابي إن الملحد يقول: إن التناقض ظاهر وواضح؛ فمرة تجد الله يقول: (لا مبدل)، ومرة تجده يقول: (وإذا بدلنا)، وهو زعم غريب ومريض من أولئك الملاحدة؛ لأن قوله تعالى: {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}[الكهف: 27] معناها، كما قال أهل العلم: إنه لا مبدّل لكلمات الله من بشر سواء كان نبيا، أو رسولا أو إماما أو شيخا أو عالم أو مسلما أو ملحدا؛ فلا يستطيع أحدٌ أن يُبدِّلَ في كلام الله، فهو كتاب فُصلت آياته، وأُحكمت آياته فلا يستطيع أحد أن يُبدِّلَ كلماته.

قال الملحد لي: أعطني قرينةً على صحة استنباطك.

 قلت له: حاضر، إنَّ القرينةَ هي صدر الآية: (اتلُ)؛ فالكلام في الآية موجهٌ لنا، ولكل الشعوب ولسيدنا محمد اتلُ ما أُوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلامته من البشر، وعلى هذا فإن السياق يكون مختلفا عن السياق في سورة النحل؛ ففي سورة الكهف توجيه الخطاب إلى البشر، تحذير لا يجوز لكم أن تبدلوا كلام الله.

بدّل البعض كلام الله بتفاهات الكلام

وإذا بالملحد يسألني، قائلا: وهل كان هناك من يُبدِّلَ كلام الله؟!

قلت له: نعم، إنه مسيلمة الكذاب وسجاح، وغيرهم ممن كانوا يدعون النبوة، وكانوا يقولون كلمات غريبة، ومنها: والعاجنات عجنا، والخابزات خبزا، والطاحنات طحنا، والآكلات أكلا، وهكذا كانوا يبدلون كلام الله بتفاهات الكلام.

 أما قوله تعالى في سورة النحل: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)؛ فالذي يقوم بالتبديل هنا هو الله تعالى وليس الناس، والله تعالى يُبدِّلَ كيفما يشاء، لماذا؟ لأنَّ الله هو المشرِّع.

الملحد يقول لي: أنت تقول إن الله هو المُشرِّع ، أليس كذلك؟

قلت له: بلى.

الملحد يقول لي: إن كان الله هو المُشرِّع، فيجب أن يكون تشريعه مُتَسِمًا بالثبات، وإذا قام المُشرع بالتغيير والتبديل، فإن هذا يعد خللا في التشريع.

قلت له: هذا غير صحيح أبدا، فقال لي الملحد: أعطني مثالا، فقلت له: سأعطيك مثالا أيها الملحد.

تصفح أيضا

الرزاق

الرزاق

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض