البيان النبوي (185)
ستلقون بعدي أثرة
فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الحديث ورد في الأمر بالصبر عند ظلم
الولاة واستئثارهم من الأثرة القبيحة فعن
أسيد بن حضير رضي الله عنه أنَّ رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ،
ألَا تَسْتَعْمِلُنِي كما اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا؟ قالَ: سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي
أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي علَى الحَوْضِ
هل الحديث الذي معنا خاص بالأنصار أم خاص بكل
الأمة؟
من السياق يتضح أن هذا الحديث خاص بالأنصار
وكلمة "استعملني " : يعني وظفني
لو شاء النبي صلى الله عليه وسلم لا ستجاب له
وأعطاه سؤله
النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن هذه الوظيفة
فيها فتنة له والرجل متعجل الفتنة وهذا
منهي عنه شرعا أن تطلب مثل غيرك بالعامية المصرية "اشمعنا؟"
هذا الرجل ينظر إلى غيره وهذه فتنة في حد
ذاتها فماذا يفعل الإنسان؟
ربما كان هذا الكلام موجها للأنصار أو موجها
لعموم الأمة
قالَ: "سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً
" : يعني مظالم
أثرة يعني الأمور لن تكون جيدة ولا طيبة وهذا
الحديث من المصبرات والمثبتات لهذه الأمة
والأثرة منهي عنها والأنصار وقع ظلم شديد
عليهم بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم وربما تصوروا أن لهم حقا أفضل من غيرهم
بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم فرشح الأنصار سعد بن عبادة كي يكون خليفة
النبي صلى الله عليه وسلم فلم يلق هذا الرأي رواجا فقال واحد منهم: منا أمير ومنكم
أمير
واستشعر الصحابة رضي الله عنهم بالخطر فقام
الصحابة الكبار وبايعوا الصديق رضي الله عنه ولم يردوا على هذا الرأي غير الصحيح
غير صحيح وغير مستقيم أن الأمة يكون أكثر من
قائد
لكن قام الصحابة فانكبوا على الصديق رضي الله
عنه وبايعه كل الناس في وقت لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد دفن
لا يفهم بعض الناس أن هذا من باب التقاتل على
السلطة كما يقول الملاحدة لكن أيقن
الصحابة رضي الله عنهم أن الأمة قد انطفأ نورها بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم
وأظلمت المدينة عمليا ونفسيا
المدينة كانت منورة بالنبي صلى الله عليه وسلم
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ
مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ
عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ
عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي
اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)} آل عمران
والأنصار ربما لم يأخذهم حقهم على مدى التاريخ
الإسلامي
لكن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أن تكون
الخلافة من قريش ولا اجتهاد مع نص
فمن صبر على أميره ولم يشق عصا الطاعة كان مع
النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة
أما إذا فسق الأمير أو فجر فهل تخرج عليه
الأمة أم تصبر عليه؟
فعن أسيد بن حضير رضي الله عنه أنَّ رَجُلًا
مِنَ الأنْصَارِ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ألَا تَسْتَعْمِلُنِي كما اسْتَعْمَلْتَ
فُلَانًا؟ قالَ: سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي
علَى الحَوْضِ