الداعية والمفكر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحبها الخليفة الراشد، الإمام عمر بن عبد
العزيز، رضي الله عنه، يقول: اعمل لله تعالى بقدر حاجتك إليه، واعمل للدنيا بقدر
بقائك فيها،
طبعًا هذا الكلام يعتبر عصارة لمذهب الزهد في
الإسلام
لأنه من حسن حظ الخليفة الراشد، أنه تعاصر مع
أكبر الزاهدين في العالم، على تاريخ الإسلام، وكان أستاذًا له، وهو الإمام الحسن
البصري
وغالبًا ما كان عمر يرسل إليه لقرب المسافة
بين الشام والعراق، رسالة شبه يومية، عظني، وأوجز
فكانت الموعظة تأتي إلى عمر، فينقحها ويختصرها
ثم ينشرها في البريد إلى كل أنحاء البلاد الإسلامية التي كان يحكمها في آسيا وفي
إفريقيا، وفي أوروبا
وكان الحسن البصري يرسل له رسائل مطولة في
الزهد، وكيف يكون الزهد، وبصراحة لم يكن عمر بن عبد العزيز في حاجة إلى هذه
الرسائل من وجهة نظري؛ لأنه كان قد بلغ درجة عالية في الزهد لم تُشهد في تاريخ
العالم، مثلًا
كان راتبه قبل أن يكون خليفة 400 ألف دينار في
السنة، فلما ولي الخلافة سلمكم الله حذف الأصفار الثلاثة، فأصبحت راتبه في السنة
من 400 ألف دينار إلى 400 دينار فقط
كان له قبل الخلافة عباءة أو قميص يُنقع
القميص في الزهر والعطر والمسك 40 يومًا، والعباءة هذه ب400 دينار، ويلبسها عمر
قبل أن يكون خليفة ويقول بعد هذا كله: ما أخشنها!
فلما تولى الخلافة اشترى عباءة بدرهم، بقرش
صاغ، ولبسها، وقال: ما ألينها!
أحدثكم عن ماذا أو ماذا؟ لعلكم تستمتعون معنا
يوميًّا ببرنامج رحلة الراشد، وفي أعاجيب عظيمة جدًّا لم يشهدها الناس من قبل
تصور أن أمير المؤمنين تأخر عن خطبة الجمعة،
وهو الذي كان يعتلي المنبر، فاستعجله الناس
فقال ابنه: إن أبي ليس عنده ثوبًا واحدًا، وقد
اتسخ فخلعه في الصباح كي يغسل وهو ينتظر حتى يجف، ويأتي إلى الصلاة
ودخل مسلمة بن عبد الملك على فاطمة بنت عبد
الملك، زوجة الخليفة، فشاهد عمر بن عبد العزيز منهمكًا في أمور الدولة ويلبس
ثيابًا متسخًا فدخل مسلمة، ومسلمة عاش في بيت الإمارة
أمير ابن أمير وجده أمير وأخوه أمير، والأسرة
كلها أمراء، فانفعل على شقيقته، أعطني ثوبًا كي يلبسه أمير المؤمنين
فسمعه عمر، وخشي من إحراجها، فنادى عليه ولم
يقل له إن له ثوبًا واحدًا حتى أخبرته أخته أن أمير المؤمنين لا يملك إلا ثوبًا
واحدًا
صدق أو صدق، لم يستطع أن يحج في العام الأول
وأن يقود الأمة لعدم وجود نفقات الحج عنده
في حين أنه أغدق على كل الأمة، ما بقي فقير في
عهده، الأمة كلها تكاملت وتكاتفت، وارتفعت