الأخلاق القرآنية وسعادة الأسرة المسلمة

الرئيسية المقالات مقالات دينية

الأخلاق القرآنية وسعادة الأسرة المسلمة

الأخلاق القرآنية وسعادة الأسرة المسلمة
من أعظم دعائم السعادة فى البيوت المسلمة أن يكون القرآن أنيسها حفظًا وتلاوة وتطبيقًا، فالقرآن يرقق القلوب ويهذب الأخلاق، ويبعث المودة، ويطهر البيوت من الرجس والشرور ويلقى على البيوت المسلمة برداء الحفظ والتحصين. فما أحوج البيوت المسلمة السعيدة أن يكون خلقها القرآن تتأدب بآدابه وتهتدى بهديه، وتلجأ إلى رحابه فى آلامها وأحزانها.
ولقد ثبت عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت ذلك فى وصف النبى صلى الله عليه وسلم، فقد جاء فى حديث طويل فى قصة سعد بن هشام بن عامر حين قدم المدينة، وأتى عائشة رضى الله عنها يسألها عن بعض المسائل، فقال: (فَقُلتُ: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ، أَنبئِينِى عَن خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَت: أَلَستَ تَقرَأُ القُرآنَ؟ قُلتُ: بَلَى. قَالَت: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِى اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ القُرآنَ. قَالَ: فَهَمَمْتُ أَن أَقُومَ وَلَا أَسأَلَ أَحَدًا عَن شَيْءٍ حَتَّى أَمُوتَ...الخ) [رواه مسلم: 746].
وفى رواية أخرى: (قُلتُ: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ، حَدِّثِينِى عَن خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. قَالَت: يَا بُنَى أَمَا تَقرَأُ القُرآنَ؟ قَالَ اللَّهُ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} خُلُقُ مُحَمَّدٍ القُرآنُ) أخرجه أبو يعلى (8/275) بإسناد صحيح.
وإن ما يميز المرأة الصالحة التى وصفها النبى صلى الله عليه وسلم بأنها خير متاع الحياة الدنيا أنها تأخذ أخلاقها من القرآن، وتكون المُثُل التى تحتذيها، والفضائل التى تتحلّى بها فضائل قرآنيّة.
إنّ المرأة المسلمة يجب أنْ تتميَّز بأخلاق تنبع من القرآن، كل محاسن الأخلاق التى دعا إليها القرآن، ومن ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات:11،12].
إن التحلى بالخلق القرآنى يجنب الأسرة المسلمة السعيدة سخرية الرجال من الرجال، وسخرية النساء من النساء، واللمز والتنابز بالألقاب والظلم والظن والتجسس والغيبة والنميمة، فتأمل أى سعادة تحل على الأسرة المسلمة إذا تخلصت من هذه الأخلاق، واستبدلتها بالمحبة وتقدير الآخرين والتواضع والاحترام واجتناب الظن والغيبة والنميمة وغيرها من الأخلاق التى تقف حاجزًا بينها وبين السعادة.
وقال –تعالى-: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:133- 134].
فالأخلاق القرآنية تعود الأسرة المسلمة على العطاء والإحساس بمعاناة المعدمين والمحتاجين وتحولها من أسرة مغلقة منعزلة إلى أسرة مندمجة فى مجتمع طيب متراحم لا يتخلى بعضه عن بعض فى الشدائد وأوقات العسر.
وقال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
ومعلوم ما يفعله الصدق فى البيوت فهو يبعث الثقة بين الزوجين وأولادهم وينشئ جيلا صادقًا طيبًا لا يعرف الكذب ولا المراوغة. ويأخذنا القرآن إلى كنوز من الأخلاق الربانية القرآنية مثل غض البصر وحفظ الفرج والاستئذان على الآخرين والوفاء بالعهد والعدل والرحمة فى المعاملة كما فى كثير من الآيات القرآنية المضيئة بنورها فى دروب المؤمنين.
من كتاب أسرار صناعة البيوت السعيدة لفضيلة الاستاذ الدكتور احمد عبده عوض الداعية والمفكر الاسلامي

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض