همة العاقل في النجاة، وهمة الجاهل في اللهو والطرب

الرئيسية المقالات مقالات دينية

همة العاقل في النجاة، وهمة الجاهل في اللهو والطرب

همة العاقل في النجاة، وهمة الجاهل في اللهو والطرب

همة العاقل في النجاة، وهمة الجاهل في اللهو والطرب، الدنيا تزرع في طريقك بذور الغفلة، لتحجبك عن الله، فكم من المحجوبين الذين حجبتهم الدنيا عن ربهم، ولا يفيقون إلا عند الموت، الدنيا دار ممر كأنها ساعة غنم فيها من عاشهالله وبالله، وقضى عمره في طاعة رب كريم، لا يغفل قلبه، ولا يزيغ عقله، عرف الطريق إلى النجاة فشغلته الآخرة عن الدنيا، والخالق عن المخلوقين، فصار قلبه ذاكرًا ولسانه ذاكرًا، فأفاض الله عليه بالنور الذي يميز به طريق النجاة.

لقد أعجبني قول أحد العابدين: (إن لله عبادا عرفوه بيقين من معرفته فشمروا قصدا إليه، احتملوا فيه المصائب لما يرجون عنده من الرغائب، صحبوا الدنيا بالأشجان، وتنعموا فيها بطول الأحزان، فما نظروا إليها بعين راغب، ولا تزودوا منها إلا كزاد الراكب، خافوا البيات فأسرعوا، ورجوا النجاة فأزمعوا، بذكره لهجت ألسنتهم في رضا سيدهم، نصبوا الآخرة نصب أعينهم، وأصغوا إليها بآذان قلوبهم، فلو رأيتهم رأيت قومًا ذبلا شفاههم، خمصًا بطونهم، حزينة قلوبهم، ناحلة أجسامهم، باكية أعينهم، لم يصحبوا الملل والتسويف، وقنعوا من الدنيا بقوت طفيف لبسوا من اللباس ملابس بالية، وسكنوا من البلاد قفارًا خالية، هربوا من الأوطان واستبدلوا الوحدة من الإخوان، فلو رأيتهم لرأيت قوما قد ذبحهم الليل بسكاكين السهر، وفصل الأعضاء منهم بخناجر التعب، خمص لطول السرى شعث لفقد الكرا، قد وصلوا الكلال بالكلال للنقلة والارتحال).

فالمؤمن يصل الاجتهاد بالاجتهاد والتعب بالتعب حتى يحظى براحة الدنيا والآخرة وهي النجاة، هذه الكلمة التي تعددت مسالكها على ألسنة العلماء:

قال أحمد بن أبي الحواري: (هيهات إن بيننا وبين طريق النجاة عقابًا وتلك العقاب لا تقطع إلا بالسير الحثيث وتصحيح المعاملة وحذف العلائق الشاغلة عن أمر الدنيا والآخرة).

وقال ابن السماك: حسبي من ثوابك النجاة من عقابك.

وقال ابراهيم بن أدهم: (اذكر ما أنت صائر إليه حق ذكره، وتفكر فيما مضى من عمرك هل تثق به وترجو النجاة من عذاب ربك، فإنك إذا كنت كذلك شغلت قلبك بالاهتمام بطريق النجاة عن طريق اللاهين الآمنين المطمئنين الذين اتبعوا أنفسهم هواها، فأوقعتهم على طريق هلكاتهم لا جرم سوف يعلمون، وسوف يتأسفون وسوف يندمون {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } [الشعراء: 227].

قال له سالم بن عبد الله: إن أردت النجاة من عذاب الله فصم الدنيا، وليكن إفطارك منها الموت. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: (النَّجَاةُ فِي اثْنَتَيْنِ: التَّقْوَى، وَالنِّيَّةِ، وَالْهَلَاكُ فِي اثْنَتَيْنِ: الْقُنُوطُ، وَالْإِعْجَابُ).

وقيل: لكل مؤمن سيد من عمله فهذا السيد من العمل هو الذي يرجو به المؤمن النجاة ويفضل به عند مولاه. وقيل: العجب ممن يهلك ومعه النجاة قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار.

وقال ابن الجوزي: (يَا طَالِبَ النَّجَاةِ دُمْ عَلَى قَرْعِ الْبَابِ، وَزَاحِمْ أَهْلَ التُّقَى أُولِي الأَلْبَابِ، وَلا تَبْرَحْ وَإِنْ لَمْ يُفْتَحْ فَرُبَّ نَجَاحٍ بَعْدَ الْيَأْسِ، وَرُبَّ غِنًى بَعْدَ الإِفْلاسِ.

 

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض