من أسماء الله – تعالى – (الملك )

الرئيسية المقالات مقالات دينية

من أسماء الله – تعالى – (الملك )

الملك
الملك اسم من أسماء الله – تعالى – يدل على أن الله – تعالى – هو القائم على تدبير خلقه، والمنزه عن الظلم، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو من الأوصاف الذاتية والفعلية، فإذا كان من الأوصاف الذاتية فهو عبارة عن كماله في ذاته وصفاته وغناه الذي له من ذاته لذاته، وإذا كان من صفات الفعل، فيكون عبارة عن ملكه المبدع وصفة البديع، وهو عبارة عن الوجود كله علوه وسفله الذي هو خزانة ملكه .
ويختص هذا الاسم الجليل عن سائر الأسماء بمجموعة من الخواص، تتمثل في:
الأولى: أنه – تعالى – هو الملك المسيطر على ملكه والمهيمن عليه بقوته، وإرادته بيده القدرة والرزق، فقال – تعالى -: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيم}[الأنعام:165].
الثانية: أنه تعالى مالك الأمر كله في يوم القيامة ولا شريك له في الملك، قال – تعالى -: {مَـلِكِ يَوْمِ الدِّين}[الفاتحة:4].
وقال – تعالى -: {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار}[غافر:16].
و‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال: «‏ ‏يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض».
الثالثة: أنه تعالى مالك كل شيء، والمتصرف في شئونه بقدرته، قال – تعالى -: {وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[آل عمران:189].
الرابعة: أنه تعالى هو ملك الإعطاء والمنع والضر والنفع:
قال – تعالى -: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[المُلك:1].
وقوله – أيضًا: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار}[الرعد:16].
الخامسة: أنه تعالى هو الملك الذي لا ينازعه شريك في ملكه، قل – تعالى - : {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}[الإسراء:111].
السادسة: أنه تعالى هو الملك الذي يحكم بين الخلائق :
قال – تعالى -: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيم * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِين}[الحج:56 - 57].
السابعة: أنه تعالى هو الملك المتصرف في شئون عباده، قال – تعالى -: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}[الفتح:14].
الثامنة: أنه تعالى هو واهب الملك لعباده ؛ ليكونوا خلفاءه في الأرض، قال – تعالى -: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا}[النساء:54].
وقال أيضًا: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم}[البقرة:247].
التاسعة: أنه تعالى هو الملك الذي يملك كل شيء بيده بلا منازع، ويحتاج إليه كل موجود، فذات كل موجود قائمة بالله الملك .
قال – تعالى -: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِير}[سبأ:22].
العاشرة: أنه تعالى هو الملك الحقيقي بيده مقاليد الأمور، وما عداه باطل لا يملك من الأمر شيئًا، قال – تعالى -: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم}[المائدة:76].
فلا تشغل بالك بأمور الدنيا، وليطمئن قلبك ؛ لأنك تعرف وتؤمن بأن الله ملك يملك أمور حياتك كبيرها وصغيرها، كما أنه لا يجب أن تشغل بالك بالرزق، فالرزق موكول إلى الله – تعالى -، وليرسخ في ذهنك أنك مخلوق للعبادة حيث قال – تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}[الذاريات:56].
انعكاسات وتجليات الاسم على حياة المسلم:
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله – تعالى – الملك، وآمنت به حق الإيمان، فإنه يتحقق لك عدة فوائد:
الأولى: ضرورة الانقياد لحكم الله الملك، حيث قال – تعالى -: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء:65].
الثانية: الدعوة إلى الخير والدلالة على الهدى، حيث قال – تعالى -: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين}[النحل:125].
عِنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَاْلَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا"( ).
الثالثة: الالتزام بما حلل الله، والابتعاد عما حرم، حيث قال – تعالى -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير}[هود:112].
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول :«الْـحَلالُ بَيِّنٌ، وَالْـحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَـهُـمَا مُشَبَّـهَاتٌ لا يَعْلَـمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْـمُشَبَّـهَاتِ اسْتَبْرَأ لِدِينِـهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُـهَاتِ كَرَاعٍ يَـرْعَى حَوْلَ الْـحِـمَى، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِـمًى، ألا إنَّ حِـمَى الله فِي أرْضِهِ مَـحَارِمُهُ، ألا وَإنَّ فِي الْـجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَـحَتْ صَلَـحَ الْـجَسَدُ كُلُّـهُ، وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْـجَسَدُ كُلُّـهُ، ألا وَهِيَ الْقَلْبُ» .
الرابعة: الرفق واللين:
حيث قال تعالى: {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِين}[الحِجر:88].
عَنِ اِبْنِ عُمَرَ ـ رضي الله عنهما ـ قَاْلَ: قَالَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم: " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ "( ).
الخامسة: الابتعاد عن الافتخار والبغي: حيث قال – تعالى -: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[النجم:32].
وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ أوْحَى إِلَيَّ أنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أحَدٌ عَلَـى أحَدٍ، وَلا يَبْغِ أحَدٌ عَلَـى أحَدٍ» .


تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض