مفهوم الفقه: قال الفيروزآبادي: ((الفقه: بالكسر العلم بالشيء، والفهم له والفطنة، وغلب على علم من جهة لشرفه)). وذهب ابن القيم في إعلام الموقعين إلى أن الفقه أخص من الفهم لأن الفقه هو فهم مراد المتكلم من كلامه وهو قدر زائد على مجرد فهم ما وضع له اللفظ . وذهب بعض الأصوليين إلى أن الفقه مرادف للعلم بالشريعة أي أنه شامل للعلم بالأحكام الثابتة بالنصوص القطعية، أو تلك الثابتة بالطرق الظنية، وذهب بعضهم إلى أنه الثابت بالنصوص القطعية فقط، وذهب الجمهور إلى أنه العلم بالأحكام المستفادة عن طريق الاستنباط والاجتهاد، وذهب فريق رابع إلى أنه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب عن طريق الأدلة التفصيلية. وقال الآمدي: ((الأشبه أن الفهم مغاير للعلم إذ الفهم عبارة عن جودة الذهن من جهة تهيئة لاقتناص كل ما يرد عليه من المطالب، وإن لم يكن المتصف به عالما كالعامي الفطن)) . وقال الأسنوي عن قول الآمدي وهو الصواب فقد قال الجوهري الفقه الفهم تقول فقهت كلامك بكسر القاف أفقهه بفتحها في المضارع أي فهمت أفهم قال الله تعالى: {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} وقال تعالى: {مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ} وقال تعالى: {وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} . وقيل: ((إن الفقه هو استنباط حكم المشكل من الواضح يقال: فلان يتفقه، إذا استنبط علم الأحكام، وتتبعها من طريق الاستدلال)) . ((وعلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "رب حامل فقه غير فقيه" أي: غير مستنبط، ومعناه أنه يحمل الرواية من غير أن يكون له استدلال، ولا استنباط فيها. "وأما أصول الفقه" فهي من حيث اللغة ما يتفرع عليه الفقه، وعند الفقهاء هي طريق الفقه التي يؤدى الاستدلال بها إلى معرفة الأحكام الشرعية، وهي تنقسم إلى قسمين إلى دلالة وإمارة، فالدلالة ما أدى النظر الصحيح فيه إلى العلم، والأمارة ما أدى النظر الصحيح فيه إلى غالب الظن، ويقال في حد الأصل ما ابتنى عليه غيره، والفرع ما ابتنى على غيره)).