خلق
الله الجبال كي تثبت الأرض وهكذا
فإن الخبير البصير هو الذي يقدر هذه المخلوقات، وأنه خلقها لعلة وإن خفيت عن كثير
من الناس، لكنها من أساس ثوابت الكون، ولو قلنا: إننا نحتاج إلى أرض مبسوطة هكذا،
وإذا أردنا أن يكون العالم كله عبارة عن أرض مستوية مبسوطة؛ لأن الجبال تعرقل حركة
السفر، والترحال من مكان إلى آخر، وهذه الجبال تمثل مشكلة عند الناس، وتأوي
بداخلها الذئاب والمطاريد. فلماذا خلق الله الجبال؟ أولم يكن قادرا على أن
يثبت الأرض بما شاء غير الجبال بقدرته، وهذا سؤال؟ ولن أقول: إن الله تعالى خلق
الجبال رواسي؛ فهذه قضية معروفة يثبت بها الأرض، ولكنني سأقول شيئا آخر أن أكثر من
نصف ثروات العالم المعدنية موجودة في الجبال، وفي أعماق البحار، وجميع الاكتشافات
البترولية التي ظهرت في بلادنا في السنوات الأخيرة كانت إما في الجبال أو في أعماق
البحار؛ فالله تعالى خلقها كنواحي إمداد لهذه الحياة. وفي
بعض البلاد وجدوا أن هناك جبالا كلها ذهب، وأن جبالا كلها من الرخام وهكذا، ففيها
إذن تعدد، وهذا يدل على قدرة الله تعالى في خلقه، والجبال فيها أيضا أبيض وأحمر
وهكذا، وكلنا نشاهد هذا في حياتنا، وهي مظاهر تدل على قدرة الله الخلابة القادرة
الباسطة المهيمنة على الكون كله. الملحد يقاطع الدكتور قائلا له: بعد هذه
المحاورة كأنك تهرب من سؤالي. فضيلة الدكتور يقول للملحد: لقد أجبت لك إجابة
وافية. الملحد يقول: أنت لم تجبني، وتريد أن تهرب من
الإجابة، وأنا لست مقتنعا بما قلته. صديقي الملحد أنت لم تقتنع؛ لأنني عاجز عن
إفهامك، ولكنك لم تقتنع؛ لأن القلب عندك عليه أقفال، يقول تعالى: ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ
أَقْفَالُهَا﴾ [محمد:24]؛ فالقلب عليه أقفال، وهذا القلب المغلف بالظلمات يستحيل
عليه أن يستوعب ويستحيل عليه أن يفهم؛ لأن هناك ألغازا كبيرة في حياته. لماذا خلق الله تعالى كائنات، ثم حرمها علينا؟ أحبتي الكرام، سأوجز الرد على هذه النقطة، وهي
نقطة: لماذا خلق الله تعالى كائنات، ثم حرمها علينا؟ والإجابة هي أن الله تعالى
خلقها لعلة، والعلة قد تبدو ظاهرة لنا، وقد تبدو باطنة، وأما حرمها علينا لأكلنا؛
لأن الله تعالى لم يخلقها لنا كي نأكلها؛ فالإنسان السوي يتعافى أن يأكل الضفادع،
والصراصير والثعابين، ولكنها في بلاد أخرى، فإنها تمثل لديهم شهوة عظيمة، سبحان
الله؛ فعندما تضلّ الفطرة وتتغلب عليها الغريزة، فإن الحيوان يصبح أعقل من الإنسان
في هذه الحالة، والإنسان يتوه في الحياة؛ لأن الإيمان هو الذي يضبط لك مسألة
القضاء والقدر والتسليم لله بكل ما أعطى، وكل ما خلق، إذن الله خلق الأشياء
المؤذية لعلة كبيرة وهي علة التوازن في هذا الكون الكبير. ولن
أتكلم إلا عن جزئية مهمة في هذا الجانب، وهي جزئية أن الإيذاء للبشر يعود في أوقات
كثيرة إلى غفلة بعض الناس، بمعنى أن الإنسان يأخذ حذره ما استطاع إلى هذا سبيلا،
وأن الإنسان يتوازن مع نفسه في درء المفاسد عن نفسه، وغلق المنافذ التي يمكن أن
تأتي الحشرات المؤذية، ولست عن هذا أتحدث، وأنا لا أتكلم عن الجانب الأمني.