لا بديل عن الموت

لا بديل عن الموت
من كتاب مناظرات ايمانية لفضيلة الاستاذ الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الاسلامى
فضيلة الدكتور يشرح ويقول:
أولا- الملحد يقول: "إن الموت فكرة خيالية، ولا ينبغي أن يكون هناك موت فإن الموت أسطورة يلعبون بها على مشاعر الناس ولست بمصدق أن الموت معناه أن ثمة حياة جديدة بعد الموت"، والرد على هذا الكلام يا أحبتي هو الآتي:
لا بديل عن الموت
نبدأ كلامنا بسؤال، وهو: ما البديل عن الموت بعد أن نأخذ حظنا من الدنيا بعد أن يكون لدينا أحفاد وأحفاد أحفاد؟ وكيف تكون حال الإنسان بعد أن يكبر في السن؟ وتأتي على الإنسان فترة يجلس على الأرض لا يستطيع حراكًا، ومن الممكن أن يصل الإنسان إلى سن كبيرة، فلا نجد أمامنا إلا حطام إنسان، وتخيلوا معي يا أحبتي الكرام أن الإنسان وصل لسنّ التسعين، أو وصل لسن المائة، فتبدأ عظامه في أن ترق وتضعف وتصعب أن تلتحم، ويبدأ ظهره في التقوس، ويبدأ نظره في الضعف ويبدأ يقترب من الأرض ويبدأ وجهه يكرمش، ويبدأ جلده يرق وينزف دما لأتفه الأسباب، ويأتي عليه وقت يجلس على الأرض لا يستطيع حراكا - ومعذرة سامحوني إخواني وأخواتي – فإن الإنسان في هذه السن الكبيرة تصيبه الأمراض لدرجة أنه يتبول على نفسه، وإذا وصل لسنّ المائة والخمسين سنة فإنك لا تجد أمامك إلا حطاما حتى أن الطفل الصغير يزن أكثر منه، وعندما يصل لمائتي سنة لا تجد أمامك إلا ذكريات إنسان؛ فالذباب يحوم حوله، والحشرات تشاطره الحياة، وما من مرض إلا وقد دلف إلى بدنه وما من عاهة إلا وقد بصمات غائرة في حياتهن كل هذا يا أحبتي في فترة مائتي سنة، وإذا مرت عليه مائتا سنة، ولا يزال حيا ونرى الإنسان يدخل في القرن الثالث، فماذا يحدث للإنسان عندئذ؟
والإجابة بسيطة فإنه تذهب عنه المناعة، وتذهب منه الإرادة يختفي عنده الزمان والمكان، ولم يعد يعرف وقت الظهيرة من وقت المغرب؛ فصور الزمن انتهت عنده، ففي هذه الحالية يا صديقي الملحد، دعني أسألك سؤالا: هل من الأولى أن يبقى في الحياة معذبا تدوسه الأقدام؛ فالزوجة ماتت، ومات الأبناء ومات الجيران ومات الخلان، والأصدقاء ماتوا، وانتهت الذكريات، والذاكرة ضاعت، والبدن تهاوى، والعقل اختل؟!
ماذا أقول وماذا أقول؟! فهل تحب لنفسك -أيها الملحد- أن تصل لهذه السن وبعد مائتي سنة، وترى نفسك كما وصفت لك وكما يحدث؟!
الملحد يصيح بصوت مرتفع، ويقول: لا، لا أريد.
فضيلة الدكتور يتوجه للملحد، قائلا له: عزيزي، إني أتأسف أنني قد أرهقتك، ولكني أحب أن أسألك سؤالا: هل الموت أسطورة؟
الملحد: لا، الموت ليس أسطورة، بل هو المعنى الحقيقي للحياة، وهو مقدم على الحياة، وهذه الجزئية اقتنعت بها تماما بعد كلامك يا فضيلة الدكتور، وفهمت أن الموت في كثير من الأحيان يكون رحمة للبشر، وخاصة عندما تتهاوى أبدانهم وتضعف أجسادهم، وتخور قواهم، وتنهشهم الأمراض نهشا، فلا يستطيعون حراكا، ولا حركة ويكونون عاهة على الزمان، وعالة على المكان ويصل الإنسان في هذه الحالة إلى أن يتمنى أن يموت حتى يستريح.
فضيلة الدكتور يسأل الملحد، قائلا: لو افترضنا يا صديقي أن أخواتك تمنتا ألا تموتا، فما البديل؟
الملحد يجيب: البديل أن ربك المزعوم يتدخل لإنقاذهما من المرض، ويعطي لهما عمرا جديدا.
فضيلة الدكتور يسأل الملحد: هل كان مرضهما نقمة من ربي الله تعالى؟! وهل الله ينتقم من أختيك؟ وهل حاولتا أن تأخذا منه الملك؟! وهل حاولتا أن تشاطراه ملكه فانتصر عليهما بالمرض؟!
الملحد: هذا الكلام كلام كبير عليَّ، فلم يحصل هذا الذي تفترضه.
فضيلة الدكتور يقول للملحد ويسأله: أليس المرض الذي جاء إليهما كان مقدمة حتمية للموت الذي هو حادث لا ريب فيه؟
الملحد : وضح لي أكثر أيها الدكتور ماذا تقصد؟
صديقي الملحد تخيّل أن أختك سليمة، وتسير في الشارع، وذاهبة إلى السوق، وفجأة سقطت على الأرض وماتت، وأخبروك أن أختك ماتت، وأنت تسأل الله تعالى: ماذا فعلت لكي تميتها؟ فأنت الآن –دون أن تدري- توجد لنفسك مبررات لرفض الموت، ولكنني الآن أجد أختك نائمة، والمرض توغل فيها وعندها مرض كذا وتغسل كلى، وعندها فشل كُلوي وهشاشة في العظام وتيبس في العظام ونهش المرض في بدنها، وترك بصمات قوية عليها، وستموت إلى رحمة الله، وموتها الآن فجيعة أمامك بعد أن شاهدت آثار الموت تزلف إليها خطوة بعد خطوة؟! ومرحلة بعد مرحلة؟!

الملحد يقول: لا، مقدمات الموت كانت واضحة لإثبات حقيقة، ولكنني كنت غافلا عن هذه الحقيقة، أما الآن فقد اقتنعت، وآمنت أن الموت ليس أسطورة وليس خيالا، وإنما هو هم حقيقة في هذا الوجود!.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض