عجبت لهؤلاء
عجبت لمن أيقن بالقدر، والقدر معناه أن الله تعالى هو
المتصرف في كونه، هذا معنى القدر، أن الله تعالى يعلم ما كان وما هو كائن، وما
سيكون إلى يوم القيامة، عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟! وعجبت لمن أيقن أن الله
تعالى هو الرزاق وبيده مقاليد الأمور كيف يغتم؟! كيف تحزن ومعك الله، لماذا
تحزن وأنت تعلم أن الله تعالى هو الذي يختار لك؟ {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ} (القصص : 68)، الخيرة ليست لك، لأنك لا تملك لنفسك نفعًا ولا ضرًّا،
وهذا حال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في
قوله تعالى {قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ
اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا
مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف:188).
قل أيها الرسول: لا أقدرُ على جَلْبِ خير لنفسي ولا دفع
شر يحل بها إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لفعلت الأسباب التي أعلم أنها
تكثر لى المصالح والمنافع، ولاتَّقيتُ ما يكون من الشر قبل أن يقع، ما أنا إلا
رسول الله أرسلني إليكم، أخوِّف من عقابه، وأبشر بثوابه قومًا يصدقون بأنى رسول
الله، ويعملون بشرعه، "قل لا أملك لنفسى نفعًا ولا ضرًا" منتهى التسليم،
منتهى التصديق بالله، جميع المصائب التي حلت بهذه الأمة هي أبواب خير.