بين صفات إبراهيم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم
إنني أربط لك بين صفات سيدنا براهيم عليه السلام، وسيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى:{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ
الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ البُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ
إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ (75)} (هود: 74-75)، صار حليمًا، أي:
أخذ من صفات سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو محسن، ومن المحسن يا رسول الله؟ "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم
تكن تراه فإنه يراك"([1]).. هل أنت الآن على يقين أن الله
تعالى يستمع إليك، وينظر إليك، ويعرف خاطرك، ويعلم عينك، ومشاهد عينك، وخائنة
عينك؟ هذا يقين! فسيدنا إبراهيم دخل مدرسة اسمها مدرسة اليقين، وهي أرقى جامعة في
أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي كلية القمة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي
أعلى درجات الولاية في أمة محمد.
ليس إبراهيم فقط هو الحليم، ولكنك
أنت أيضًا لا بد أن تكون حليمًا، وليس إبراهيم فقط هو الأواه، ولكنك أنت أيضًا لا
بد أن تكون أواهًا لله، كما جاء في قوله تعالى {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42)} (الأحزاب:
41-42).
يأيها الذين صَدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، اذكروا
الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذِكْرًا كثيرًا، واشغلوا أوقاتكم بذكر الله تعالى
عند الصباح والمساء، وأدبار الصلوات المفروضات، وعند العوارض والأسباب، فإن ذلك
عبادة مشروعة، تدعو إلى محبة الله، وكف اللسان عن الآثام، وتعين على كلِّ خير.
إنك تواجه عدوك،
فإذا ما صليت فأنت في حرب، كما في قوله تعالى {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ
حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ
عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ
أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ
بِغَيْرِ حِسَابٍ} (آل عمران: 37)، استجاب الله
دعاءها، وقَبِل منها نذرها أحسن قبول، وتولَّى ابنتها مريم بالرعاية، فأنبتها
نباتًا حسنًا، ويسَّر الله لها زكريا عليه السلام كافلًا، فأسكنها في مكان عبادته،
وكان كلًّما دخل عليها هذا المكان وجد عندها رزقًا هنيئًا معدًّا قال: يا مريم مِن
أين لكِ هذا الرزق الطيب؟ قالت: هو رزق من عند الله، إنه بفضله يرزق من يشاء من
خلقه بغير حساب.
فكلُّ مكان تصلي فيه هو محراب، لأنك تحارب الشيطان،
فماذا تفعل إذا لقيت عدوك؟ قال لك الله جل في علاه في كتابه الكريم {يَأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُوا اللهَ
كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} (الأنفال: 45).. يأيها الذين صدَّقوا الله
ورسوله وعملوا بشرعه، إذا لقيتم جماعة من أهل الكفر قد استعدوا لقتالكم، فاثبتوا أمامهم،
واذكروا الله كثيرًا، داعين مبتهلين لإنزال النصر عليكم والظَّفَر بعدوكم، لكي
تفوزوا.. إذا لقيتم فئة ظالمة من البشر فاذكروا الله، وإذا لقيتم فئة من الشياطين
فاثبتوا واذكروا الله، اذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون
([1]) صحيح البخاري: 50.