المصور

المصور
هو اسم من أسماء الله – تعالى – الحسنى الذي يدل على أن الله تعالى هو الذي صورنا، وجعلنا صورًا مختلفة لنتفارق، ولنميز بعضنا بعضًا، والله تعالى هو مصور الخلق، ومقدرهم، ومدير العالم ومعبدهم، وهو الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها، وهو الذي تصور منه الأشياء؛ فيصور ما يوجده من الأشياء على المثال الذي أراده، وهو مبدع صور المخلوقات، ومزينها بحكمته .
وذكر الله المصور في القرآن الكريم، قال – تعالى -: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}[الحشر:24].
وقال – عز وجل -: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}[آل عمران:6].
ويختص هذا الاسم بعدة خواص:
الأولى: أن المصور هو الذي صور الأشياء وعدلها، وألبسها حلل الكمال، وأعطى كل موجود صورة تناسبه .
الثانية: أن المصور هو الذي صور الموجودات ورتبها .
الثالثة: أن المصور هو المبدع لصور الموجودات وكيفيتها كما أراد .
الرابعة: أن المصور هو الذي يحيل ما شاء إلى أي صورة شاء، وينقله من صفة إلى صفة كما في قوله – تعالى -: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَك}[الانفطار:8].
وقال – تعالى -: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين}[غافر:64].
انعكاسات وتجليات الاسم على حياة المسلم:
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله تعالى المصور، وآمنت به حق الإيمان، فإنه يتحقق لك عدة فوائد:
الأولى: يتجرد المسلم من صفات الظلم لأخيه الإنسان:
قال – تعالى -: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء * وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَال* وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَال} [إبراهيم:42 - 45].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عَرَضٍ أَوْ مَالٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ حِينَ لا يَكُونُ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَتْ عَلَيْهِ " ( ).
الثانية: يصلح المسلم من نفسه من علاقته بربه وإخوانه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ" قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» ( ).
ومما يحكى عن عاقبة الظلم قال بعضهم: رأيت رجلاً مقطوع اليد من الكتف وهو ينادي: من رآني فلا يظلمن أحداً فتقدمت إليه فقلت له يا أخي ما قصتك؟
قال: يا أخي قصة عجيبة، وذلك أني كنت من أعوان الظلمة فرأيت يوماً صياداً وقد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني فجئت إليه فقلت: أعطني هذه السمكة.
فقال: لا أعطيكها أنا آخذ بثمنها قوتاً لعيالي .
فضربته وأخذتها منه قهراً ومضيت بها .
قال: فبينا أنا أمشي بها حاملها إذ عضت على إبهامي عضة قوية، فلما جئت بها إلى بيتي وألقيتها من يدي ضربت على إبهامي وآلمتني ألماً شديداً حتى لم أنم من شدة الوجع والألم وورمت يدي.
فلما أصبحت أتيت الطبيب وشكوت إليه الألم فقال: هذه بدء الآكلة اقطعها وإلا تقطع يدك فقطعت إبهامي.
ثم ضربت على يدي فلم أطق النوم ولا القرار من شدة الألم فقيل لي: اقطع كفك فقطعته، وانتشر الألم إلى الساعد وآلمني ألماً شديداً ولم أطق القرار وجعلت أستغيث من شدة الألم فقيل لي: اقطعها إلى المرفق فقطعتها فانتشر الألم إلى العضد وضربت على عضدي أشد من الألم الأول، فقيل: اقطع يدك من كتفك وإلا سرى إلى جسدك كله فقطعتها.
فقال لي بعض الناس: ما سبب ألمك؟
فذكرت قصة السمكة.
فقال لي: لو كنت رجعت في أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة واستحللت منه وأرضيته لما قطعت من أعضائك عضوا، فاذهب الآن إليه واطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى بدنك.
قال: فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته، فوقعت على رجليه أقبلها وأبكي وقلت له: يا سيدي سألتك بالله إلا عفوت عني.
فقال لي: ومن أنت؟
قلت: أنا الذي أخذت منك السمكة غصباً وذكرت ما جرى وأريته يدي فبكى حين رآها.
ثم قال: يا أخي قد أحللتك منها لما قد رأيته بك من هذا البلاء .
فقلت: يا سيدي بالله هل كنت قد دعوت علي لما أخذتها.
قال: نعم، قلت: اللهم إن هذا تقوى علي بقوته على ضعفي على ما رزقتني ظلما، فأرني قدرتك فيه.
فقلت: يا سيدي قد أراك الله قدرته في، وأنا تائب إلى الله عز وجل عما كنت عليه.


تصفح أيضا

القوي

القوي

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض