دعاء الضرير

دعاء الضرير
جَاءَهُ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ ضَرِيرٌ، فَشَكَا إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي قَائِدٌ، وَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّكَ فَيُجَلِّي لِي عَنْ بَصَرِي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ، وَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي". قَالَ عُثْمَانُ: فَوَاللَّهِ مَا تَفَرَّقْنَا، وَلَا طَالَ بِنَا الْحَدِيثُ حَتَّى دَخَلَ الرَّجُلُ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ. رواه الترمذي والحاكم في مستدركه وصححه (1/ 707).
قوله: (اللَّهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمَّد) عطف بيان أي أتوسل إليك في طلب الحاجات به وبمقامه عندك وكرامته لديك. وقد اختلف في جواز التوسل إليه تعالى بشيء من مخلوقاته فقال أبو محمَّد بن عبد السلام في فتاويه: أنه لا يجوز التوسل إليه بشيء من مخلوقاته لا الأنبياء ولا غيرهم، وتوقف في حقّ نبينا صلى الله عليه وسلم لاعتقاده أنه ورد في ذلك حديث، وإن لم يعرف صحة الحديث، وكأنه يريد هذا الحديث، وقال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، قال: وأكره أن يقال: أسألك بمعاقد العزّ من عرشك، وأكره أن يقال بحق فلان، وبحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام، وعن أبي الحسن قال: أما المسألة بغير الله فمنكرة في قولهم؛ لأنه لاحق لغير الله عليه، وإنما الحق لله على خلقه، وأما قوله: بمعقد العز من عرشك، فكرهه أبو حنيفة، ورخص فيه أبو يوسف قال: وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بذلك، قال: ولأن معقد العز من العرش إنما يراد به القدرة التي خلق الله بها العرش مع عظمته فكأنه سأله بأوصافه، أفاد ذلك ابن القيم في إغاثة اللهفان.

(نبي الرحمة) صفة لمحمد صلى الله عليه وسلم مأخوذ من قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] فإنه تعالى رحم به الكفرة بإخراج من آمن منهم من ظلمات الكفر إلى نور الإِسلام ورحمة لمن قبله منهم بتقليل معاصيهم لو عاشوا، وبأن الله لم يعذبهم وهو فيهم (يا محمَّد إني توجهت بك إلى ربي) إن قلت: لمن الخطاب؟ قلت: له صلى الله عليه وسلم لأنّ الداعي غيره، وإنما علمه صلى الله عليه وسلم من يقوله في دعاءه قضاء الحاجة إن قلت: كيف يخاطبه ويناديه وهو ميت؟ قلت: تقدم في كيفية إبلاغه صلى الله عليه وسلم صلاة الخلائق ما يعرف منه أن هذا أيضًا يبلغ إليه، فيسأل صلى الله عليه وسلم ربه عند ذلك نجاح حاجة السائل كما يدل له آخر الحديث (في حاجتي هذه لتقضى لي) تعليل التشفع أي لأجل تقضى بجاهه صلى الله عليه وسلم (اللَّهم فشفعه في) بقضاء حاجتي، وهو يدل أنه صلى الله عليه وسلم يسأل الله قضاء حاجة الداعي.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض