الخالق

الخالق

وهو اسم من أسماء الله الحسنى الذي يدل على أنه سبحانه الذي صنف المبدعات، وجعل لكل صنف منها قدرًا، وهو الذي يخرج الأشياء من العدم إلى الوجود بتقدير وتدبير وعلم وقدرة، فقد كان الله قبل كل شيء، وكانت المخلوقات عدم، وهو المخترع للأعيان، والخلق هو الإبداع والاختراع، فالله سبحانه وتعالى هو الخالق، وكل ما سواه مخلوق، فكل من في السماوات والأرض من صنع الله تعالى منه مبدأها، وإليها منتهاها .

والخلق أصله: التقدير المستقيم، ويستعمل في إيداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء، ويستعمل في إيجاد الشيء من الشيء، وليس الخلق الذي هو الإبداع إلا لله – تعالى -، وأما الذي يكون بالاستحالة، فقد جعله الله تعالى لغيره في بعض الأحوال .

وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في عدة مواضع منها، قول الله تعالى: { هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24].

وقوله –جلّ وعلا-:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}

وورد هذا الاسم بصيغة المبالغة الخلاَّق في موضعين من القرآن في قوله تعالى:

{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86] وقوله تعالى: {بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86].

والخلْق يطلق ويراد به أحد أمرين:

*أحدهما:  إيجاد الشيء وإبداعه على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}[ يس: 71. وقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر: 49] وقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}[الأعلى: 2-3] وقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} [الفرقان: 2] وقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] .

*الثاني:

بمعنى التقدير، ومنه قولهم: خلق الأدِيمَ أي قدَّره، وقول الشاعر:

ولأنت تفري ما خلقت

                                  وبعض القوم يخلق ثم لا يفري

أي: أنت إذا قدَّرت أمراً أمضيته، وغيرك يُقدِّر ثم لا يمضي الشيء الذي قدره.

وقوله تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} [العنكبوت: 17] أي: تقدِّرونه وتهيئونه ومن هذا قول الله تعالى:{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14 ] فالخلْق في نعوت الآدميين معناه التقدير.

أما الخلق الذي هو إبداع الشيء وإيجاده على غير مثال سابق، فمتفرد به رب العالمين، كما قال الله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3] وقال تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}  [لقمان: 11].

وفي الآية تحدٍّ لجميع الخلق، بل إنه سبحانه وتعالى أثبت عجز الناس أجمعين، ولو اجتمعوا عن آخرهم، على خلق ذبابٍ واحدٍ، وهو من أضعف الحيوان وأحقره، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 73-74].

ثم إن خلق الله لهذه المخلوقات، لم يكن لهوًا، أو عبثًا، أو لعبًا، تنزه الرب وتقدس عن ذلك، قال الله تعالى: { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} .

وقال تعالى: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 115-116] بل إنه سبحانه خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه.

ويختص هذا الاسم بعدة خواص:

الأولى: أن الخالق هو الذي أوجد كل شيء على القدر الذي علمه في الأزل.

الثانية: أن الخالق هو المنشئ من العدم .

الثالثة: أن الخالق هو المقتدر، والمقلب للشيء بالتدبير إلى غيره .

الرابعة: أن الخالق هو المعبود الذي تصلح العبادة له، ولا تصلح لغيره؛ لأنه خالق كل شيء.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض