(زعم الملاحدة أن العقل يكفي عن الأنبياء)

الرئيسية المقالات مقالات دينية

(زعم الملاحدة أن العقل يكفي عن الأنبياء)

(زعم الملاحدة أن العقل يكفي عن الأنبياء)

 (الجزء الأول من المناظرة)

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، لا عزّ إلا في طاعتك، ولا نعيم إلا في رضاك، ولا سعادة إلا في التذلل بين يدي عظمتك، والصلاة والسلام على أسعد الأنام من نشر السلام والوئام في جنبات الأرض كلها، وعلى آله وصحبه الغرّ الميامين.

أحبابي الكرام، مناظرتنا اليوم من نوع جديد مع ملحد جديد، وهو من نوع جديد يسمي نفسه الملحد المتمرّد على الله، وهو غاضب وشاردٌ وحزينٌ.

فضيلة الدكتور يسأل الملحد، ويقول له: لماذا جئت اليوم أيها الملحد المتمرد الغاضب على الله تعالى؟

الملحد يجيب ويقول: إني على يقين أن العقل يُغني عن وجود الله، ويغني عن وجود الأنبياء، ولكن لأن قضية الإله عندكم قضية ثابتة لا تقبل الزحزحة، ولا النقاش فلن أتحدث فيها، رغم عدم قناعتي بوجود هذا الإله، ولا أعرف له مكانا ولا وصفا ولا رسمًا.

الملحد ينكر وجود الأديان وينكر الله تعالى

أحبابي الكرام، إن الملحد في الأساس ينكر وجود الأديان وينكر الله تعالى، وهذا هو حال الملاحدة الذي لا يخفى على السادة الكرام، ومنهجهم دائما المبالغة والشطط على الله، وكأن هناك عداوة تاريخية بينهم وبين الله تعالى، ولست أدري لماذا؟!

الملحد يقاطع فضيلة الدكتور، ويقول له: توقف عن الكلام، فأنت رطراط وكثير الكلام، وأنا لا أحب كثرة الكلام.

فضيلة الدكتور يقول للملحد: عزيزي الملحد المتمرد، ماذا بوسعك أن تقول؟

الملحد يقول: إن الله عرفوه بالعقل، وهذا العقل يغني عن الأنبياء، ويغني عن وجود الإله.

العقل لا يغني عن الأنبياء

أحبتي الكرام، ويا صديقي الملحد ما تقوله عن أن العقل يغني عن الأنبياء، هذا كلام غير صحيح، وكلام متناقض؛ فجزئية أن العقل يغني عن وجود إله فهذا كلام غير صحيح؛ لأنني سأسألك سؤالا، وهو: مَنْ الذي خلق العقل؟ ومن الذي أوجد العقل؟ ومن الذي عرفنا أن هناك عقلا؟ وبالمناسبة: أين عقلك يا صديقي الملحد المتمرد؟ يا صديقي الملحد ما الذي يمكن أن تحدده من مكان العقل؟ فأين مكان العقل عندك؟

الملحد : يسكت ولا يتكلم، وحاله يُظهر مدى التردد الواقع فيه.

فضيلة الدكتور يسأل الملحد مرة أخرى؟ هل بوسعك أن تفرق بين المخ وبين العقل؟     

الملحد : يسكت ولا يتكلم.

فضيلة الدكتور يسأل الملحد قائلا: هل هذه اليد فيها عقل؟

الملحد يجيب قائلا: نعم فيها عقل، وفيها حركة.

فضيلة الدكتور يسأل الملحد قائلا: إذن وأين العقل في اليد، هل لك أن تخبرني عن مكان العقل في اليد؟

الملحد : يسكت ولا يتكلم.

أحبتي، إني أحب أن أقدم للملحد حقائق مهمة، ولكن بأسلوب يقربه إلى فهم معنى الألوهية أولا، والقضية بيني وبينكم معشر الملاحدة هي قضية متصلة بالذات الإلهية، وأنتم دائما شكاكون، ومتريبون وأنتم دوما تحاولون أن تهدموا الثوابت المستقرة في قلوب الشعوب.

الملحد يرد ويقول: لن أتجادل معك اليوم في قضية الألوهية؛ لأنني أعلم عنك أنك متعصب  في هذا الجانب، فيمن تزعم أنه ربك.

صديقي الملحد، إني لست متعصبا، وحاشاني أن أوصف بهذا الوصف، ولكنني أؤمن بيقين، إيماني بيقين، وإيمان الأمة بيقين، فنحن نؤمن بيقين، وغيرنا ليس عنده يقين.

الملحد يقول لفضيلة الدكتور: أعطني مثالا بعيدا عن التشدق وكثرة الكلام والهرطقة، والهرطقة هي الكلام السفسطائي الذي لا يؤدي إلى شيء.

أحبتي الكرام، هذه المناظرة تدور حول شيء واحد فقط، وهو: إذا كان العقل موجودا – وهو موجود طبعا – فإنه يغني عن وجود الأنبياء؛ لأن الناس تقول: "إن الناس قد عرفه الناس بالعقل".

الناس لم يعرفوا الله بالعقل

أحبتي الكرام، دعوني أعلنها صراحة من هذا المنبر الوسطي المعتدل غير المتعصب، وهو ساحة أستوديو قناة الفتح الفضائية للقرآن الكريم، وسأوضح لكم أن هذه المقولة  التي تقول: "إن الناس قد عرفوا الله بالعقل" هي مقولة خاطئة، وهي مقولة غير صحيحة أبدا؛ وذلك لأن الله تعالى هو الذي خلق في الكون من مظاهر الحكمة، ومن مظاهر العظمة ما جعل القلوب مرتبطة به جل جلاله من حيث الناحية الفطرية، ومن حيث ناحية النَّزْعة، وناحية الغريزة، وهي أن الإنسان يحتاج إلى الله، يقول تعالى:﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ﴾ [النمل:62].

 فهل سيتكلم العقل في هذا الوقت؟ والإجابة يا أحبتي هي (لا) طبعا؛ فالذي يتكلم في هذا الوقت هو الإيمان؛ لأن الإيمان هو الذي يوجه العقل، فعندما ترى رجلا عاقلا في دولة أوربية، أو رئيس وزراء، أو رئيس دولة ويحتسي الخمر أمام شعبه أو في حفلات مثلا يفتحون فيها الخمور، فهل هذا الشخص إنسان عاقل؟ ورغم كل هذا فإنه يحكم شعبا بأكمله؟!

إذن -أحبتي الكرام- يجب أن تفهموا أن العقل لا يضبط إيقاع الحياة أبدا ويستحيل هذا؛ لأن العقل قد يؤثر فيه الهوى، ومن المكن أن ترى إنسانا عاقلا جدا أمامكم في منتهى العقل، ثم يسألك سؤالا، كما حدث مع الإمام أبي حنيفة النعمان، فهل تأذن لي أيها الملحد أن أقدم لك قصة؟

الملحد يقول: ولمَ لا؟ تفضل.

قصة الإمام أبو حنيفة والسائل الجاهل

أحبتي الكرام، كان الإمام أبو حنيفة جالسا في مسجده يقدم درسا لتلامذته، وكان لكبر سنه يمد رجله أمامه، فدخل أمامه رجل، له من المهابة ما له، وله من الملابس ما له، وله من العز ما له، فهابه الإمام وجمع رجليه، ثم جلس هذا الإمام الذي يبدو عاقلا أمام الإمام أبي حنيفة النعمان في منتهى العقل والاتزان، وجمع الإمام رجليه بعد أن كان مادًّا لهما وبعد أن فرغ الإمام رحمه الله من درسه، قال له هذا الرجل: يا إمامنا لي عندك سؤال: متى يفطر الصائم؟ فقال الإمام: عندما يؤذن المغرب، فقال الرجل: وماذا لو لم يأتِ المغرب أو لم يؤذن المغرب؟ فقال الإمام أبو حنيفة قولته الشهيرة : "الآن، يمد أبو حنيفة رجليه"، فهل العقل هنا يمكن أن يكون حاكما؟!

الملحد يقول:  على ما يبدو (لا)، ولكن دعني أفكر، ولا ينبغي أن تسبق الأحداث.

فضيلة الدكتور يقول للملحد: هل العقل يمكن أن يكون حاكما لتصرفاتنا؟

الملحد يجيب ويقول: والذين فقدوا عقولهم لحزن أو حَزَنٍ أو جنون، فكيف تكون عقولهم شاهدة على أفعالهم؟

الملحد: يسكت ولا يتكلم.

فضيلة الدكتور يقول للملحد، ويسأله: هذا الإنسان العاقل: ألم تشهده عصبيا ذات مرة منفعلا، حتى قتل أمه أو أباه، فأين عقله؟! وإذا كان العقل حاكما لتصرفات العباد في جميع أحوالهم، فهل يستطيع العقل أن يكون قيما على تصرفاتهم ورقيبا عليهم؟

الملحد: يسكت ولا يتكلم ببنت شفة.

فضيلة الدكتور يقول: أحبتي الكرام، سوف أسأل الملحد سؤالا، وهو: كيف عرف الناس الله تعالى؟

الملحد: ينفعل على فضية الدكتور، ويقول لفضيلة الدكتور: لماذا أنت مستفزٌ هكذا يا دكتور؟ ألم أقل لك في بداية المناظرة أن الله قد عرفه الناس بالعقل.

فضيلة الدكتور يرد على الملحد قائلا: (لا) يا صديقي الملحد؛ لأن الله تعالى قد عُرف عن طريق الأنبياء والرسل، وقد عرف الناس الله تعالى عن طريق اليقين الذي زرعه في قلوبنا، إن الله قد عرفه الناس عن طريق الإيمان؛ فالناس آمنوا بالله تعالى بموجب الإيمان؛ فالإيمان هو الذي دلّهم على وجود الله تعالى. والآن دعني أسألك سؤالا يا صديقي الملحد المتمرد الغاضب لو تكرمت؟

الملحد: تفضل، اسأل.

فضيلة الدكتور يسأل الملحد: أكمل الجملة الآتية يا صديقي الملحد: (البعرة تدل على...).

الملحد يجيب ويقول: البعرة تدل على البعير.

فضيلة الدكتور يقول للملحد: سأسألك سؤالا آخر، أكمل: (الأثر يدل على...).

الملحد يجيب قائلا: الأثر يدل على المسير.

فضيلة الدكتور يسأل الملحد: (سماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج) من الذي خلقها؟!

الملحد  يجيب:  إن العقل يقول: الله.

فضيلة الدكتور يقول للملحد: (لا) يا صديقي الملحد، الإجابة الصحيحة هي الإيمان هو الذي يقول الله.

الملحد يسأل فضيلة الدكتور: ولماذا تقول الإيمان؟

فضيلة الدكتور  يجيب ، ويقول: إن هناك آخرين يقولون: إن الذي خلق السماوات والأرض إما الصدفة وإما الطبيعة، فأين العقل إذن؟

الملحد: يسكت ولا ينطق.

تصفح أيضا

الحق

الحق

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض