الحميد

الحميد

هو اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه أنه سبحانه المستحق لجميع أنواع الحمد، وهو المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وأمره ونهيه، المستحق للحمد، الصادق في خبره، وهو الحميد عند عباده في إفضاله عليهم، وهو الحميد بحمد نفسه أزلًا، وبحمد عبده له أبدًا .

والحمد لله – تعالى – الثناء عليه بالفضيلة، وهو أخص من المدح وأعم من الشكر، فإن المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره، ومما يقال منه وفيه بالتسخير، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه، كما يمدح ببذل ماله، وسخائه وعلمه، والحمد يكون في الثاني دون الأول، والشكر لا يقال إلا في مقابلة نعمة، فكل شكر حمد، وليس كل حمد شكرًا، وكل حمد مدح، وليس كل مدح حمدًا، ويقال: فلان محمود، إذا حمد، ومحمد: إذا كثرت خصاله المحمودة، ومحمد إذا وجد محمودًا، وقوله – عز وجل -: { إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيد}[هود:73]. يصح أن يكون في معنى المحمود، وأن يكون في معنى الحامد، وحماداك أن تفعل كذا، أي: غايتك المحمودة، وقوله – عز وجل -: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِين}[الصف:6].

فأحمد إشارة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – باسمه وفعله، تنبيهًا أنه كما وجد اسمه أحمد يوجد وهو محمود في أخلاقه وأحواله، وخص لفظة أحمد فيما بشر به عيسى – صلى الله عليه وسلم – تنبيهًا أنه أحمد منه، ومن الذين قبله، وقوله – تعالى -: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ}  [الفتح:29].

فمحمد ههنا، وإن كان من وجه اسمًا له علمًا، ففيه إشارة إلى وصفه بذلك وتخصيصه بمعناه كما مضى ذلك في قوله – تعالى -: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا}[مريم:7].

وقد ورد اسم الله الحميد في القرآن عشر مرات، منها قوله – تعالى -: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيد}[الحج:24].

وقوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد}[الحج:64].

 وقوله – تعالى -: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد}[سبأ:6].

وقوله – تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد}[فاطر:15].

كما يخبرنا الله – عز وجل – عن الملائكة المقربين من حملة العرش الأربعة ومن حوله من الملائكة بأنهم يسبحون بحمد ربهم، ويقرنون بين التسبيح الدال على نفي النقائص والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح، وهم خاشعون له أدلاء بين يديه، وذلك قوله – تعالى -: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيم}[غافر:7].

يختص هذا الاسم بعدة خواص:

الأولى: أن الحميد هو المحمود المثنى عليه، والله تعالى هو الحميد بحمده لنفسه أزلًا، وبحمد عباده له أبدًا، ويرجع هذا إلى صفات الجلال والعلو والكمال منسوبًا إلى ذكر الذاكرين، فإن الحمد هو ذكر أوصاف الكمال لله تعالى.

الثانية: أن الحميد هو المستحق لأن يحمد ؛ لأنه جل ثناؤه بدأ فأوجز، ثم جمع بين النعمتين الجليلتين: الحياة والعقل، ووالى بين منحه وتابع بين آلائه ومننه، حتى فاتت العد، وإن استفرغ فيها الجهد، فمن ذا الذي يستحق الحمد سواه، بل له الحمد كله لا لغيره، كما أن المن منه لا من غيره .

الثالثة: أن الحميد هو المحمود الذي استحق الحمد بفعاله، وهو الذي يحمد من السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء ؛ لأنه حكيم يجري في أفعاله الغلط، ولا يعترضه الخطأ، فهو محمود على كل حال .

الرابعة: أن الحميد هو الذي يوفق إلى الخيرات، ويحمد عليها، ويمحو السيئات .

الخامسة: أن الحميد هو الحامد بنفسه، المحمود بحمد نفسه أو بحمد عباده له.

السادسة: أن الحميد هو مستوجب الحمد ومستحقه، وهو أهل الثناء بما أثنى على نفسه، الذي يحمد على كل حال .

تصفح أيضا

المؤمن

المؤمن

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض