ما فضل مَنْ تعلم القرآن وعلمه؟
أعزكم الله تعالى، وأحبكم، ورفع شأنكم وأعلى ذكركم
عن عثمان بن عفان رضى لاله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
هذا الحديث يعضد أحاديث أخرى مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "العلماء أمناء الله على خلقه" فالعالم الذي يتعلم القرآن ثم يعلمه قد أصبح خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في إبلاغ وتعليم كلام الله بل خليفة الله في إبلاغ أوامر الله تعالى لعباده، وهو بذلك يرشد إلى خيري الدنيا والآخرة، فكان خليقاً به أن يكون من خير عباد الله، فإن أحب خلق الله إليه أنفعهم لعباده.
وهذا الحديث لا يعارض غيره من الأحاديث التي تحدد خير الناس «خَيْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ» أو "إِنَّ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ: رَجُلًا عَمِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ، أَوْعَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، أَوْ عَلَى قَدَمِهِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ" بل إن هذه الأحاديث كلها يعضد بعضها بعضا في معرفة من تعدى نفعه إلى غيره وفضله على غيره بقدر نفعه للآخرين.
وتعلم القرآن وتعليمه يجب أن يقصد به وجه الله تعالى، وأن يعمل بالقرآن قبل أن يعلمه غيره؛ لكي لا يكون من الذين يأمرون الناس وينسون أنفسهم. فمن تعلم العلم ليباري به السفهاء، أو ليجاري به العلماء، أو ليفتخر به ابتغاء المديح والثناء والشهرة ، فليس ذلك من الله فى شيء وأولئك حبطت أعمالهم وهم في الآخرة هم الخاسرون، وأما من تعلمه ابتغاء وجه الله فعمل به وعلمه للناس تقرباً إلى الله تعالى فذلك ممن يرجون ثواب الله، والله عنده حسن الثواب.
إن الحث على تَعُلم القرآن وتعليمه فى هذا الحديث يزيد عليه الأمر الصريح الذي ورد في قوله صلى الله عليه وسلم : «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» فكان من تعلم آية هو عالم بها ويقع عليه إبلاغها، وعلى المعلم الذي يحتقر عمله بقلة ثواب إبلاغ الشيء اليسير فلا يجوز احتقار شيء من المعروف مهما كان يسيراً .
عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورِّتل كما كنت ترتل فى الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها" .
يدخل المؤمنون الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن منازلهم في الجنة تتفاوت بحسب أعمالهم، ومن ذلك تلاوتهم لكتاب الله وحفظهم له، فكلما كان المؤمن أكثر تلاوة لكتاب الله تعالى كانت منزلته أعلى ودرجته أرفع يوم القيامة.
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ "، قَالَ الأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ: «وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».
