عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

الرئيسية المقالات مقالات دينية

عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
التعريف به رضي الله عنه:
هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن حليف بني زهرة: صحابي. من أكابرهم، فضلا وعقلا، وقربا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو من أهل مكة، ومن السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة. وكان خادم رسول الله الأمين، وصاحب سره، ورفيقه في حلّه وترحاله وغزواته، يدخل عليه كل وقت ويمشي معه.
الإمام الحبر، فقيه الأمة، كان من السابقين الأولين، ومن النجباء العالمين، شهد بدرا، وهاجر الهجرتين، وكان يوم اليرموك على النفل، ومناقبه غزيرة، روى علما كثيرا.
نظر إليه عمر يوما وقال: (وعاء ملئ علما). وولي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيت مال الكوفة.
وكان قصيرا جدا، يكاد الجلوس يوارونه. وكان يحب الإكثار من التطيب. فإذا خرج من بيته عرف جيران الطريق أنه مر، من طيب رائحته. له 848 حديثا. وكان عبد الله لطيفا، فطنا من أجود الناس.
ثم قدم المدينة في خلافة عثمان، فتوفي فيها سنة 32هـ عن نحو ستين عاما.
قصة إسلامه رضي الله عنه:
قال عبد الله: إن أول شيء علمته من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدمت مكة مع عمومة لي - أو أناس من قومي - نبتاع منها متاعا، وكان في بغيتنا شراء عطر، فأرشدونا على العباس.
فانتهينا إليه، وهو جالس إلى زمزم، فجلسنا إليه، فبينا نحن عنده، إذ أقبل رجل من باب الصفا، أبيض، تعلوه حمرة، له وفرة جعدة إلى أنصاف أذنيه، أشم، أقنى، أذلف، أدعج العينين، براق الثنايا، دقيق المسربة، شثن الكفين والقدمين، كث اللحية، عليه ثوبان أبيضان، كأنه القمر ليلة البدر، يمشي على يمينه غلام حسن الوجه، مراهق، أو محتلم، تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها، حتى قصد نحو الحجر، فاستلم، ثم استلم الغلام، واستلمت المرأة. ثم طاف بالبيت سبعا، وهما يطوفان معه، ثم استقبل الركن، فرفع يده وكبر، وقام ثم ركع، ثم سجد، ثم قام، فرأينا شيئا أنكرناه، لم نكن نعرفه بمكة.
فأقبلنا على العباس، فقلنا: يا أبا الفضل! إن هذا الدين حدث فيكم، أو أمر لم نكن نعرفه؟ قال: أجل - والله - ما تعرفون هذا، هذا ابن أخي محمد بن عبد الله، والغلام علي بن أبي طالب، والمرأة خديجة بنت خويلد امرأته، أما والله ما على وجه الأرض أحد نعلمه يعبد الله بهذا الدين، إلا هؤلاء الثلاثة.
عن عبد الله بن مسعود، قال: كنت يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط بمكة فأتى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وقد فرا من المشركين فقالا: "يا غلام هل عندك لبن تسقينا"؟ قلت: إني مؤتمن ولست بساقيكما. فقالا: "هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل". قلت: نعم، فأتيتهما بها، فاعتقلها أبو بكر، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الضرع فدعا، فحفل الضرع، وأتاه أبو بكر بصخرة منقعرة، فحلب فيها، ثم شربا وسقياني، ثم قال للضرع: "اقلص". فقلص فلما كان بعد، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: علمني من هذا القول الطيب، يعني القرآن فقال: "إنك غلام معلم". فأخذت من فيه سبعين سورة ما ينازعني فيها أحد.
قال عبد الله: لقد رأيتني سادس ستة، وما على ظهر الأرض مسلم غيرنا.
تأثيره رضي الله عنه القلبي في الناس:
وهو أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن مسعود. إذ اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: والله ما سمعت قريش مثل هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه؟؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا.. قالوا: إنا نخشاهم عليك، انما نريد رجلا له عشيرته يمنعونه من القوم ان أرادوه.. قال: دعوني، فإن الله سيمنعني..
فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، فقام عند المقام ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم -رافعا صوته- (الرحمن. علم القرآن)، ثم استقبلهم يقرؤها..
فتأملوه قائلين: ما يقول ابن ام عبد؟ انه ليتلو بعض ما جاء به محمد.. فقاموا اليه وجعلوا يضربون وجهه، وهو ماض في قراءته حتى بلغ منها ما شا الله أن يبلغ.. ثم عاد الى أصحابه مصابا في وجهه وجسده، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك.. فقال: ما كان أعداء الله أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينّهم بمثلها غدا.. قالوا: حسبك، فقد أسمعتهم ما يكرهون"!
وقال حذيفة: إن أشبه الناس هديا ودلا وقضاء، وخطبة برسول الله صلى الله عليه وسلم من حين يخرج من بيته، إلى أن يرجع، لا أدري ما يصنع في أهله لعبد الله بن مسعود، ولقد علم المتهجدون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله من أقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة.
عن أبي الأحوص، قال: أتيت أبا موسى وعنده عبد الله، وأبو مسعود الأنصاري ، وهم ينظرون إلى مصحف. فتحدثنا ساعة، ثم خرج عبد الله، وذهب. فقال أبو مسعود: والله ما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم ترك أحدا أعلم بكتاب الله من هذا القائم.
محبة الناس له رضي الله عنه:
أخرج البخاري والنسائي من حديث أبي موسى، قال: قدمت أنا وأخي من اليمن، فمكثنا حينا، وما نحسب ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة دخولهم وخروجهم عليه.
عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بين أبي بكر وعمر، وعبد الله قائم يصلي، فافتتح سورة النساء يسجلها. فقال صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأ قراءة ابن أم عبد) . فأخذ عبد الله في الدعاء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (سل تعط) . فكان فيما سأل: اللهم إني أسألك إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، ومرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنان الخلد. فأتى عمر عبد الله يبشره، فوجد أبا بكر خارجا قد سبقه، فقال: إنك لسباق بالخير. رواه أحمد.
وأخرج ابن عساكر عن أبي وائل أن ابن مسعود رضي الله عنه رأى رجلاً قد أسبل فقال: ارفع إزارك، فقال: وأنت يا ابن مسعود ارفع إزارك، فقال له عبد الله: إني لست مثلك إن بساقيَّ حُموشةً وأنا أؤم الناس. فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فجعل يضرب الرجل ويقول: أتردُّ على ابن مسعود؟ كذا في الكنز.
عن أبي الأحوص: سمعت أبا مسعود، وأبا موسى حين مات عبد الله بن مسعود، وأحدهما يقول لصاحبه: أتراه ترك بعده مثله؟ قال: لئن قلت ذاك، لقد كان يؤذن له إذا حجبنا، ويشهد إذا غبنا.
وقال عبد الله بن مرداس: كان عبد الله يخطبنا كل خمس على رجليه، فنشتهي أن يزيد.
قال عمرو بن العاص في مرضه، وقد جزع، فقيل له: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيك ويستعملك؟! قال: والله ما أدري ما كان ذاك منه، أحب أو كان يتألفني، ولكن أشهد على رجلين أنه مات وهو يحبهما: ابن أم عبد، وابن سمية.
ولقد أحبه أهل الكوفة حبا جما لم يظفر بمثله أحد قبله، ولا أحد مثله.. واجماع أهل الكوفة على حب انسان، أمر يشبه المعجزات.. ذلك أنهم أهل تمرّد ثورة، لا يصبرون على طعام واحد..!! ولا يطيقون الهدوء والسلام.. ولقد بلغ من حبهم اياه أن أطاحوا به حين أراد الخليفة عثمان رضي الله عنه عزله عن الكوفة وقالوا له: " أقم معنا ولا تخرج، ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه منه"..
ولكن ابن مسعود أجابهم بكلمات تصوّر عظمة نفسه وتقاه، اذ قال لهم: "إن له عليّ الطاعة، وإنها ستكون أمور وفتن، ولا أحب أن يكون أول من يفتح أبوابها"!!
مواقف هدايته رضي الله عنه لغيره:
عن شقيق: قال عبد الله: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} [آل عمران: 161] على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟ لقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، ولقد علم أصحاب محمد أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني لرحلت إليه.
قال شقيق: فجلست في حلق من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحدا منهم يعيب عليه شيئا مما قال، ولا يرد عليه.
عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد).









تصفح أيضا

الكريم

الكريم

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض