جلد الزاني رحمة له
عزيزي الملحد، إنَّ الشدة في الإسلام التي تحرص بكل جهدك أن تصفَ الإسلامَ على أنه شدّة، أعطني عليها مثالا، فقال: أنتم تبحثون عن الزنا وكلما وجدتم زانيا أو زانية تطبقون الحد عليهما إما بالجلد أو بالرجم حتى الموت، قلت له: الجلد حقيقة.
قال: ومن الحقيقة أن ربكم قال: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2]، وهذا يعني أن إسلامكم ينزع منكم الرأفة، ينزع منكم الرحمة - هذا كلام الملحد – ويقول – أيضا – إنَّ إسلامكم يريد لكم أن تكونوا قساة القلب، قلت له: حدثني كم مرة أُقيم الحَدّ في تاريخ الإسلام كله على الزنا منذ بُعث النبي -صلوات ربي وسلامه عليه- إلى العصر الذي نحن فيه؟
فسكت الملحد، فقلت له: إنَّ الإحصاءات التي عندنا تقول: إن الذين أُقيم عليهم الحد في عهد النبي الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه- لأجل الزنا لا يُعدون على أصابع اليد؛ لأن الإسلام يشترط شروطا صعبة لإثبات حالة الزنا، وهذه الشروط تجعل الوصول لحالة الجريمة أمرا ليس هينا أبدا.
الإسلام يبحث عن المعاذير للزناة
وهذا معناه أنَّ الإسلام يبحث عن المعاذير لهؤلاء كما جاء في سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن امرأة جاءت النبي، والحديث في البخاري، وكانت حُبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله أقم عليَّ الحد، فإني زنيت هي تعترف وتُقرّ أنها زانية، ولم يرسلوا إليها الشرطة لإحضارها من بيتها؛ لكي تعترف قهرا أنها زانية، ثم تُقطع رقبتها أو تُجلد، لا لم يحدث هذا؛ فهي التي جاءت بنفسها حُبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله إني أصبت ذنبا، فأقم عليَّ الحد، فقال لها النبي: اذهبي حتى تلدي، فذهبت حتى ولدت، ثم جاءت النبي مرة ثانية، فقال لها: اذهبي حتى ترضعي ولدك، ثم جاءت النبي بعد هذا، فاستهجنها بعض الناس، يعني سمعت من الناس بعض الكلمات غير اللطيفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد تابت، هذه الزانية، توبة لو قسمت على سبعين بيتا في المدينة لوسعتهم) هذا حديث والحديث الآخر: (لقد تابت توبة لو قسمت على أهل المدنية لوسعتهم أو لكفتهم)
ألا ترون أنها جاهدت بنفسها لله عز وجل، وأنا أحب أن أسمع تعليقا منك على هذه الرواية بصراحة، قال: لا أجد ما أقوله.
أحبابي الكرام، وصديقي الملحد أنا حرصت أن أذكر هذه القصة بعناية شديدة، وأن أركز عليها، وأن أذكر جزءا من تفاصيلها لماذا؟
لأنَّ الإسلام - اكتب هذا في صحيفة قلبك الأبيض - لا يتربص بالناس كي يثبت عليهم حالات الزنا، أو حالة القتل، أو شرب الخمر، لا، والإسلام لا يتجسس أو يتحسس على الناس؛ لكي يكشف أنهم أصحاب عيوب وأصحاب ذنوب، ثم يأتي إليهم لكي يقيم الحدّ عليهم تشفيا وانتقاما، وإشباعا لغريزة الدماء، لا، هذا ليس عندنا، ولكنه عند غيرنا.