يقول السفاريني: حسن
الخلق القيام بحقوق المسلمين، وهي كثيرة منها أن يحب لهم ما يحب لنفسه، وأن يتواضع
لهم ولا يفخر عليهم ولا يختال، فإن الله لا يحب كل مختال فخور، ولا يتكبر ولا يعجب
فإن ذلك من عظائم الأمور، وأن يوقر الشيخ الكبير، ويرحم الطفل الصغير، ويعرف لكل
ذي حق حقه مع طلاقة الوجه وحسن التلقي ودوام البشر ولين الجانب وحسن المصاحبة
وسهولة الكلمة، مع إصلاح ذات بين إخوانه وتفقد أقرانه وإخوانه، وأن لا يسمع كلام
الناس بعضهم في بعض، وأن يبذل معروفه لهم لوجه الله لا لأجل غرض مع ستر عوراتهم
وإقالة عثراتهم وإجابة دعواتهم، وأن يحلم عن من جهل عليه ويعفو عن من ظلم".
وقال
الحسن البصري رحمه الله تعالى: (معالي الأخلاق للمؤمن، قوة في لين وحزم في دين
وإيمان في يقين وحرص على العلم واقتصاد في النفقة، وبذل في السعة وقناعة في الفاقة،
ورحمة للمجهود وإعطاء في كرم وبر في استقامة).
ويقول
ابن حبان - رحمه الله تعالى: (الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس
بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس
الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق
كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها).
وعن
عائشة رضي الله عنها قالت: (ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال: لبيك، فلذلك
أنزل الله عز وجل: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4].
فيجب
علينا أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل شؤونه ومن ذلك حسن الخلق.
عن
النواس بن سمعان، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن البر؛ فقال: (حسن
الخلق)، فقال: ما الإثم؟ قال: (ما حاك في نفسك وكرهت أن يعلمه الناس)رواه مسلم. وعن عبد الله بن عمرو قال: لم يكن النبي صلى
الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: (خياركم أحسنكم أخلاقا).رواه
البخاري.
وعن
أم الدرداء قالت: قام أبو الدرداء ليلة يصلي، فجعل يبكي، ويقول: (اللهم أحسنت خلقي
فحسن خلقي، حتى أصبح، قلت: يا أبا الدرداء، ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن
الخلق؟ فقال: يا أم الدرداء، إن العبد المسلم يحسن خلقه، حتى يدخله حسن خلقه
الجنة، ويسيء خلقه، حتى يدخله سوء خلقه النار، والعبد المسلم يغفر له وهو نائم،
قلت: يا أبا الدرداء، كيف يغفر له وهو نائم؟ قال: يقوم أخوه من الليل فيجتهد فيدعو
الله عز وجل فيستجيب له، ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه).رواه البيهقي في الشعب.
وَنَقَلَ
ابْنُ مَنْصُورٍ: حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ وَلَا تَحْتَدَّ وَنَقَلَ
أَيْضًا: أَنْ يَحْتَمِلَ مِنْ النَّاسِ مَا يَكُونُ إلَيْهِ.
قَالَ
الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: حُسْنُ الْخُلُقِ اخْتِيَارُ الْفَضَائِلِ وَتَرْكُ
الرَّذَائِلِ.
وَعَنْ
أَبِي الدرداء - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم: (مَا مِنْ شَيْءٍ فِي اَلْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ اَلْخُلُقِ)
[أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق) رواه
الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وَرَوَي
أَيْضًا عَنْ الْفُضَيْلِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ سَاءَ دِينُهُ،
وَحَسْبُهُ مَوَدَّتُهُ.
قَالَ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: حَقِيقَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ، وَكَفُّ
الْأَذَى وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ.
وَقَالَ
الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَدْوَأِ الدَّاءِ؟ قَالُوا بَلَى.
قَالَ: الْخُلُقُ الدَّنِيُّ وَاللِّسَانُ الْبَذِيُّ.
وَقَالَ
بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ ضَاقَ رِزْقُهُ.
وَقَالَ
بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: الْحَسَنُ الْخُلُقِ مَنْ نَفْسُهُ فِي رَاحَةٍ، وَالنَّاسُ
مِنْهُ فِي سَلَامَةٍ.
وسئل
بعض العلماء عن علامات حسن الخلق فقال: هو أن يكون كثير الحياء قليل الأذى كثير
الصلاح صدوق اللسان، قليل الكلام كثير العمل، قليل الزلل قليل الفضول، برًا وصولًا
وقورًا صبورًا شكورًا رضيًا حكيمًا رفيقًا عفيفًا شفيقًا، لا لعانًا ولا سبابًا
ولا نمامًا ولا مغتابًا ولا عجولًا ولا حقودًا ولا بخيلًا ولا حسودًا، بشاشًا هشاشًا
يحب في الله ويبغض في الله ويرضى في الله ويغضب في الله فهذا هو حسن الخلق.
وقيل
لعبد الله بن المبارك: أجمل لنا حسن الخلق في كلمة. قال: اترك الغضب.
قَالَ
الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: حُسْنُ الْخُلُقِ كَظْمُ
الْغَيْظِ لِلَّهِ، وَإِظْهَارُ الطَّلَاقَةِ وَالْبِشْرِ إلَّا لِلْمُبْتَدِعِ
وَالْفَاجِرِ، وَالْعَفْوُ عَنْ الزَّالِّينَ إلَّا تَأْدِيبًا أَوْ إقَامَةَ
حَدٍّ، وَكَفُّ الْأَذَى عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ إلَّا تَغْيِيرَ
مُنْكَرٍ، وَأَخْذُ الْمَظْلِمَةِ مِنْ مَظْلِمَةٍ مَنْ غَيْرِ تَعَدٍّ.
وسئل
الشعبي عن حسن الخلق، قال: البذلة والعطية والبشر
الحسن.
قَالَ
بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يَنْبَغِي فِيمَنْ تُؤْثَرُ صُحْبَتُهُ خَمْسُ خِصَالٍ: أَنْ
يَكُونَ عَاقِلًا: حَسَنَ الْخُلُقِ، غَيْرَ
فَاسِقٍ، وَلَا مُبْتَدِعٍ، وَلَا حَرِيصٍ عَلَى الدُّنْيَا.
حُسْنُ الخُلُقِ يُمْنٌ وسعادةٌ، وسُوءُ الخُلُقِ شُؤمٌ
وشقاءٌ.
وسئل
الحسن عن حسن الخلق، فقال: الكرم والبذلة والاحتمال.
وقال
مقاتل:
حسن الخلق بالتجاوز، والصفح.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (لم يكن النبي
صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا وكان يقول إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا)
رواه البخاري.