الغافلون

الغافلون
المسلم إذا لم يكن في حالة ذكر فإنه يكون في حالة غفلة، كما جاء في قوله تعالى {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} (الأعراف: 205).
والمعنى: واذكر أيها الرسول ربك في نفسك تخشعًا وتواضعًا لله خائفًا وَجِلَ القلب منه، وادعه متوسطًا بين الجهر والمخافتة في أول النهار وآخره، ولا تكن من الذين يغفلون عن ذكر الله، ويلهون عنه في سائر أوقاتهم.
فإذا لم تكن من الذاكرين، فإنك تكون من الغافلين، والغفلة تأتي للقلب قبل اللسان، أي: اللسان إذا كان في حالة عدم ذكر فهذا لأن القلب في حالة غفلة، وهذا توجيه وإرشاد من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في قوله {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: 28والمعنى: واصبر نفسك أيها النبي مع أصحابك من فقراء المؤمنين الذين يعبدون ربهم وحده، ويدعونه في الصباح والمساء، يريدون بذلك وجهه، واجلس معهم وخالطهم، ولا تصرف نظرك عنهم إلى غيرهم من الكفار لإرادة التمتع بزينة الحياة الدنيا، ولا تطع من جعلنا قلبه غافلًا عن ذكرنا، وآثر هواه على طاعة مولاه، وصار أمره في جميع أعماله ضياعًا وهلاكًا.
ولا تطع من أغفلنا قلبه، فالغفلة تأتي للقلب أولًا، عندئذ يكون حبه لله تعالى ضعيفًا، وشوقه إلى الله تعالى ضعيفًا، أما أهل الإيمان ففي شوق وحب للرحمن، وشوقهم إلى الله يزداد، وحبهم لله يزداد {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا للهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ للهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} (البقرة: 165).
ومع هذه البراهين القاطعة يتخذ فريق من الناس من دون الله أصنامًا وأوثانًا وأولياء يجعلونهم نظراء لله تعالى، ويعطونهم من المحبة والتعظيم والطاعة ما لا يليق إلا بالله وحده، والمؤمنون أعظم حبًّا لله مِن حُبِّ هؤلاء الكفار لله ولآلهتهم، لأن المؤمنين اخلصوا المحبة كلها لله، وأولئك أشركوا في المحبة.. ولو يعلم الذين ظلموا أنفسهم بالشرك في الحياة الدنيا، حين يشاهدون عذاب الآخرة أن الله هو المتفرد بالقوة جميعًا، وأن الله شديد العذاب لما اتخذوا من دون الله آلهة يعبدونهم من دونه، ويتقربون بهم إليه.

تصفح أيضا

السميع

السميع

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض