العلاج العام بالدعاء لا نزال نعيش معكم في هذه اللقاءات الإيمانية والهجرة إلى النجاة من مشكلات حياتنا وأزمات حياتنا بما فيها من أمراضٍ منتشرة نفسية وقلبية وعضوية؛ لعلَّ أحاديثنا تكون سببا في الشفاء، وبثِّ الأمل في نفوس الناس، وفي نفوس المحبطين. وَجَدْنَا في صحيحِ البُخاري هذا الحديث المهم الذي يعد قُوةً دَافعةً وطَاقةً ومُحَرِّكًا إيمانيًا نستمد منه قُوةً وعَزِيمةً، يقول الملك (الله): قال أبو هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: " أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه" [صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب لا تحرك به لسانك لتعجل به]. ومعنى الكلام أنَّ العبدَ المسلم في مَعِيَّةِ الرَّحمنِ، فِإذَا صَارَ قَلبُهُ مع اللهِ وَصَارَ لِسَانُه مَعَ الله، وَصَارَ حَالهُ مع الله؛ فلو كَانَ في هَذهِ الحالةِ فَهُو في مَعِيَّةِ الله عَزَّ وَجَلَّ، يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}[النحل:128]، ويقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة:153]، ويقول تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة:194]، فَكُلّ هذه الآيات تَدلّ عَلَى مَعِيَّةِ المُصَاحَبَةِ والمُرافَقَةِ، أي أَنَّ اللهَ هُو أَنِيسُكَ، وحَبِيبُكَ وأنت في معيته؛ فسيدنا موسى - عليه السلام - عندما أراد أن يُرافقَ العبدَ الصَّالحَ "الخضر" عليه السلام، قال له الخضر: {قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}[الكهف: 67]؛ فمعية الخضْرِ - عليه السلام - بما فيها من حقائق خَفِيَّةٍ لا يعلمها الناس، ولا يعلمها موسى - عليه السلام – مع مكانته العظيمة عند الله، إلاَّ أَنَّ هُناك معية معينة لن يستطيع موسى - عليه السلام - أَنْ يُدركَ هذه المعية حتى افترقا في النهاية؛ لأنَّ موسى لم يستطع معه صبرًا، ولم يلتحق بالمعيَّةِ الفِكْرِيَّةِ التي مع الخِضْرِ - عليه السلام - فما بالكم إذا كانت المعيةُ مع اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟! وربما أتعجب من كثيرٍ من الناس الذين يشعرون بِحَالةٍ مِن الضِّيقِ والتَّبَرُّمِ والاختناقِ، وكثير من الناس يشكون من هذا – سلمكم الله وأحبكم – وأخطر شيء هو الشعور بالتوتر والاختناق؛ إذ يؤدي إلى ردودِ أَفْعَالٍ غَريبةٍ وغَيرِ مُتوقعةٍ بالمرة، ونحن نتعجب؛ لأنَّ الحديثَ واضحٌ؛ فبمجرد أن يستأنسَ الإنسانُ بالله يُصبحُ في مَعيَّةِ اللهِ، فكيف لإنسانٍ يكون في مَعيَّةِ اللهِ ويصيبه يأسٌ أو إحباطٌ أو اختناق؟! أمَّا عن الإنسان الذي يَدخلُ في دَرَجَةٍ أَعلى من المَعيَّةِ، ويُكْثِر من العبادات والطَّاعات، فإنَّ الشيطان لا يتركه بسلام، وتظهر حالة أخرى، وهى حالةُ الوسوسة؛ وذلك لأنَّ الشيطانَ لا يريدُ له الخير؛ فيبدأ الشيطان في الوسوسةِ حتى يُخرجه من مَعِيَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ولهذا نقول: إِنَّ ذِكْرَ الله عَزَّ وَجَلَّ يُضْعِفُ الشيطان، فتأملوا الحديث القدسي إخواني أعزكم الله: (يقول الله تعالى: أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه)[رواه ابن ماجه وابن حبان]، ويجب على الإنسان عندما يدعو يجب عليه أن يكون في حالة وعي، وإدراك لما يقول.