أجساد الشهداء لا تأكلها الأرض

الرئيسية المقالات مقالات دينية

أجساد الشهداء لا تأكلها الأرض

أجساد الشهداء لا تأكلها الأرض
من حفظ الله تعالى لهذه الأمة أنه تعالى يحفظ شهداءها، والشهيد يُدْفَن في ملابسه التي استُشْهِد فيها، ويبقى كما هو لا تمسّه الأرض، يقول أحد القادة العسكريين المصريين بعد حرب أكتوبر: "تم تكليفنا بالذهاب إلى مكان معين لاستحداث كتيبة جديدة، أو معسكر جديد، وبينما كنا نسير اشتدّ البول على أحد جنودي، فاستأذن مني كي يتبول فنزل كي يتبول، والجميع في انتظاره، ولم يرجع بعد ربع ساعة فقلق القائد عليه فذهب إليه القائد، فوجده يحاول التبول، والبول كان محبوسًا في داخله فتعجب الناس لكن القائد كان صاحب بصيرة فقال: هنا شهيد والله تعالى يحمي الشهيد من أن يتبول أحد عليه، ونادى على أبنائه الجنود، وأمرهم بالحفر في نفس المكان، فوجدوا شابًا شهيدًا وكأنه استشهد الآن ولم يتغير منه شيء ولم يزدد وجهه إلا حسنًا.
ومن حفظ الله تعالى لهذه الأمة من أن الله تعالى جعل ملائكة حفاظًا لكل إنسان، ينام معك أكثر من سبعين ملك يحفظونك وأنت قائم وأنت نائم، قال تعالى: {له مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: 11]. يعني: يحفظونه حتى يأتي أمر الله فإذا أتى أمر الله توقّفت جميع الأسباب.
خرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلةٍ بحريةٍ إلى بلاد قبرص في زمن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وهو أول من ركب البحر مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلف معاوية بن أبي سفيان أن يقوم بتجهيز المراكب والسفن لكي يستهلّ المسلمون فتوحاتهم في البحر، فجهزوا المركب وركب فيه صحابي مسن تجاوز الثمانين سنة، وهو طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه، وذهب معهم في هذه السفينة لا يدري أين يموت؟ رغم أن الناس قالوا له: أنت شيخ كبير، وخير لك أن تبقى في المدينة.
فقال: لا، فأنا أسمع الله تعالى ينادي عليّ: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 41]. كيف أسمع الله ينادي علي {انفِرُوا} وأبقى جالسا هنا؟ قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34].
وركب السفينة مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركته الوفاة في البحر، وكانوا يسيرون في بحر واسع لم تقابلهم جزيرة، ولا شاطئ وظل الصحابي سبعة أيام على ظهر السفينة، لم ينتن ولم يتغير ولم تخرج له رائحة.
يقول مرافقوه: "كلما نظرنا إلى وجهه رأينا النور والجمال يملأ وجهه حتى وصلنا إلى جزيرة قرب قبرص، فدفنَّاه فيها على ما هو عليه". ويبعث يوم القيامة بنفس النور وبنفس الوضاءة والجمال والحسن.
هل تصدق أن إنسانًا يموت، ويبقى سبعة أيام على حالته وعلى جماله في ثلاجة ربانية أعدها الله تعالى لأهله؟ نعم، ومن هم أهل الله؟ هم الذين ادخروا حياتهم لله تعالى، وما خرجوا لشيء؛ لا لشهرة ولا لمال ولا لمنصب دنيويّ، وإنما خرجوا لأجل الملك؛ لأن الملك كريم، ولأن الملك كبير، ولأن الملك عظيم فإنه يحبّ أحبابه، وينزلهم منازل جميلة؛ كي تبقى هذه الذكريات الجميلة التي ذكرتها لكم نبراسًا لكم في حياتكم.
إن الله تعالى يحفظ لك أولادك عندما تؤدي عملًا إيمانيًا، تتركهم وحدهم، لكن الله تعالى لن يضيعهم، وإن الله تعالى يحفظ عليك مالك رغم أنك بعيد عنه، لكنك تؤدي عملًا في سبيل الله تعالى.
من عمل مع الله تعالى لن يندم، ومن عمل لله تعالى لن يندم، ومن عمل في سبيل الله تعالى لن يندم.


تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض