خطبة الجمعة "76"(ورابطوا) لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

الرئيسية المقالات مقالات دينية

خطبة الجمعة "76"(ورابطوا) لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي


الحمد لله رب العالمين، بديع السماوات والأرض، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
تبارك من في السماء عرشه، تباركك من في الأرض سلطانه، تبارك من في البحار عجائبه، تبارك من في الحياة مشيئته، تبارك من في الممات إرادته، لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.
"إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)".
اللهم اجعل لنا ودا لديك، واجعل لنا ذكرا في الملأ الأعلى كما طيبت ذكرنا في الملأ الأدنى.
وأشهد أن لا إله إلا الله، بذكره تطمئن القلوب، "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".
بذكره تهدأ النفوس والقلوب، "ومن يؤمن بالله يهد قلبه.
اللهم زدنا بك إيمانا ويقينا واحتسابا، واجعلنا ممن صاموا وقاموا إيمانا واحتسابا.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، خير الأنام، بدر التمام مفتاح دار السلام.
محمد ذكره روح لأنفسنا، ما ذكر في عصيب إلا يسره الله.
الخطبة السادسة والسبعون عنوانها: "ورابطوا"
ونحن في رمضان وفي غمرات القرآن وتجديد الإيمان في رمضان، ونحن على مقربة من الجمعة اليتيمة وقد انتصف رمضان.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)"
اصبروا، الصبر ليس كافيا، لا بد مع الصبر مصابرة، وإذا صبرت وصابرت دخلت في مجال أعلى، دخلت في ترقية، الترقية اسمها: الرباط في سبيل الله.
أما الرباط الآن في سبيل الله أن تكون حياة الإنسان كلها جهادا مع النفس وتجارة رابحة مع الله.
مرابط يعني: ثابت في مكانك، في حالة ثبات إيماني، مهما عصفت بك الأيام وزلزلتك الأقدار فأنت محتسب أمرك لله.
المرابطة الرمضانية
من لم يرابط في رمضان، ويدرك رمضان وقد غفر الله لك سيبقى حزينا العام كله.
إذا دخلت البيت الحرام ولم تبكِ من خشية الله فلا خير فيك.
مواطن الجهاد ومواطن المرابطة مفتوحة أمامك، ادخل واغتنم واغترف.
فإذا أخذت قبسة من أنوار الصالحين نوَّر الله أيامك وأنعش قلبك وجعلك وليا لله "والله يتولى الصالحين".
أدعية القبول ليست فقط قبل المغرب، بل أربعا وعشرين ساعة، إذا دعوت الله في رمضان لن ترد لك دعوة، لا تفتح أبواب الجنان إلا في رمضان، ولا تغلق أبواب النيران إلا في رمضان.
لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله.
تكلم في التجارة والبيع دون أن تخطئ، عملك طاعة، وسعيك طاعة، ولكن معنى الحديث لا تكثر الكلام بغير ذكر الله في الأمور السيئة التي لا طائل منها.
وإن أبعد الناس عن الله صاحب القلب القاسي.
وجدت لسانك جافا، لأنك مقلّ من ذكر الله، قال رسول الله صلى الله عليه سولم: "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله".
ربما كنت قبل رمضان تقرأ جزءا قي اليوم، أنت في رمضان مطلوب منك عشر ختمات على الأقل، الإمام الشافعي كان يختتم القرآن في رمضان ستين مرة، والإمام أبو حنيفة النعمان كان يختم القرآن في ركعة واحدة.
"وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)".
ما أحب ما يتقرب به العباد إليك؟ فقال: بكلامي، وكلام الله لك هو أفضل تجارة رابحة، لن تشحن البطارية إلا بكلام الله، "وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (101)"
المانعان من الشرك والنفاق والمعاصي هما أمران: "وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (101)"
الرسول معك، والرسول فيك، وإذا لم تكن على هذه العقيدة فلست مع أهل السنة والجماعة.
السلام عليك أيها النبي، هل تنادي على غائب أم حاضر؟ فأعلمك الله تعالى أن النبي يسمعك في صلاتك، قال تعالى: واعلموا أن فيكم رسول الله.
كلما اقتربت من مجالس النور والعم زاد نورك.
لقي أبو بكر حنظلة بن الربيع، فقال حنظلة: لقد نافق حنظلة، وقال أبو بكر: لقد نافق أبو بكر، فذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: عندما نكون عندك يا رسول الله كأننا نرى الجنة وما فيها والملائكة، فإذا ما خرجنا من عندك، عافسنا الأزج والأولاد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو أنكما تكونان في بيوتكم وشوارعكم كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات، ولكن يا أبا بكر ساعة وساعة.
ساعة وساعة يعني: ساعة يرتفع فيها الإيمان حتى عنان السماء، وساعة أخرى مع العاصين، فأنت في حاجة إلى شحن البطارية.
ألا أدلكم على خير أعمالكم وأزكاها عند مليكم وخير لكم من إنفاق الورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، وتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله عز وجل.
رمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، والصلوات الخمس مكفرات لما بينهن ما احتنبت الكبائر.
النبي يعلمك أنك في صلاة ما دمت تنتظر الصلاة.
لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجهز جيش العسرة، وكان ثلاثين ألفا سيسافرون على الأقل ستين يوما، في حرارة شديدة، يحتاجون طعاما وشرابا، وركائب.
فجلس النبي صلى الله عليه وسلم يتأمل ويتفكر، وأصعب شيء في الحياة أن تكون صاحب همة عالية.
وأصحاب الهمة العالية ليس عندهم رضا عن النفس.
فقال النبي: ومن يجهز هؤلاء؟ فبينما كان النبي جالسا يتدبر أمر الأمة، المواقف الصعبة لا يحملها إلا الرجال الأفذاذ، "إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ" وبينما كان النبي على هذه الحالة إذ أقبل سيدنا عثمان، وأحضر كومة من المال العظيم فوضعه أمام سيدنا، فأخذ النبي يقبل المال، وقال: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم، اللهم إني أمسيت راضيا عن عثمان، فارض عن عثمان.
الحسنة الكبيرة التي فعلها عثمان أنه أنفذ جيش العسرة، وأول مرة في تاريخ الإسلام يخرج النبي قائدا بنفسه، ولم يكلف أحدا.
نحن الآن في العام التاسع، لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معه مال ويريد أن يوزع على الفقراء الذين آمنوا بسيدنا، فلم يكن معه مال، فأتى الصديق بكل ماله، فاستشعر بظروف النبي.
كان إحساسهم عاليا، فدخل الصديق بماله، فوضعه كله أمام سيدنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر.
أقوى مال شد أزر النبي صلى الله عليه وسلم هو مال الصديق رضي الله عنه.
إذا لم يكن معك مال فتاجر بالهمة العالية.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)".
احذر أن تكون خارج الخدمة، لا تكن في آخر صف، كن في أول صف، لا تكن آخر من يأتي الجمعة، كن أول من يأتي الجمعة، لا تكن آخر من يقيم الليل، كن أول من يقيم الليل.
دخل ثلاثة من الباب ، الأول بحث عن مكان ليكون قريبا من سيدنا، وأما الثاني فاستيحا أن يزاحم فجلس في آخر المجلس، وأما الثالث فذهب.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الأول فقد أقبل على الله فأقبل الله عليه، وأما الثاني، فاستحيا من الله، فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض عن الله، فأعرض الله عنه.
الخطبة الأخرى
الحمد لله رب العالمين، تواضع كل شيء لعظمته، وذل كل شيء لعزته، واستسلم كل شيء لإرادته، والصلاة والسلام على البشير النذير، السراج المنير الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)"
نودع أياما جميلة، نودع ذكريات عظيمة، نودع أوقات قل أن يجود بهاالزمان.
دعاء المرابطة الإيمانية
يا ذا العرش المجيد، يا فعالا لما يريد، يا من أحاط بكل شيء علما، وهيأ لكل شيء سببا، أقسم بجلالك بل بكمالك بل بعظمتك، بل بكبريائك، لكل هم لا يفرجه إلا أنت يا الله، لكل عجز لا يعالجه إلا أنت يا الله، أقسم بك عليك يا الله ،اجعلنا مرابطين في سبيلك، لا نمل من ذكرك، لا نمل من مجالستك، لا نمل من مؤانستك، فإن أجمل ما في الحياة الأنس بالله، آنسنا بك يا لله، اجعل يومنا عبادة، وليلنا ذكرا وتهجدا.
واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا، أعنا في النصف الأخير من رمضان أن نكون أكثر إيمانا، وأكثر طاعة، وأكثر علما، وأكثر حلما، ونورنا بنور الإيمان، واجعلنا في رفقة خير الأنام، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقن والشهداء والصالحين وحسن أرلئك رفسق، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.
اجعله يوم فرج، هذا يوم الفرج، وهذه ساعة الفرج، فلا تعذب هذه الشفاه الذابلة، ولا تعذب هذه البطون الضامرة، ولا تعذب هذه الأبدان الصائمة، ولا تعذب ألسنة تخبر عنك، ولا تعذب أرواحا هامت في حبك، يا ذا الجلال والإكرام.
رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41).

"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)".

تصفح أيضا

الباعث

الباعث

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض