محاولة هدم القرآن العظيم مستحيلة
وهكذا -أيها السادة الكرام- فإنه يتضح لنا ولكم
ولكلِّ الناس في كُلِّ مكان في العالم أنَّ الملاحدة ليس عندهم ضميرًا دينيًا، ولا
وازعًا أخلاقيًا يقف حائلاً بينهم وبين الادِّعَاءات الكَاذِبَةِ، ولهذا السبب -يا
أحبَّتي الكِرام- فإننا نرفض أحكامهم وآراءهم؛ لأنها أفكارٌ وآراءٌ وأحكامٌ ليست
مبنيةً على نزاهةٍ أو حياديةٍ أو موضوعيةٍ، ولهذا فإننا نجد الله سبحانه وتعالى
يقول: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾
[الكهف:5]؛ فما كَانَ كَلامُ الملاحدة في الأساس إلا كذبا على الله تعالى، وكذبا
على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فمن يحب أن يهدم القرآن لابد أن يكون
كلامه أقوى من القرآن وهذا مُحال؛ لأن القرآن كلام الله، بمعنى أنَّ من يرد هدم
القرآن لابد، وأن تكون عنده قدرة تشريعية ولفظية ولُغوية أعظم من القرآن الكريم
وهذا لا يحدث ومستحيل، يقول تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾
[الشورى:11]، ويقول تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ
الْخَبِيرُ﴾[الأنعام:18].
إذن
فإن مسألة هدم القرآن الكريم باعتبار أنه فيه تناقضا تارة، واعتقادا آخر وهو أنَّ
القرآن الكريم مأخوذ من كلام الشعر الجاهلي، أو أنَّ القرآن الكريم يعبر عن أساطير
وهمية وعن كائنات خرافية، فإن هذا الكلام كله الذي يقوله الملاحدة دليل على أنهم
لم يفهموا القرآن الكريم.
أحبابي الكرام، هل تذكرون هذه القصة لكي
أحكي لكم أنَّ اللغةَ عندما نتعلمها جيدا نستطيع أن ندرك عظمة القرآن، وأنه يستحيل
عقلاً ومنطقًا وشرعًا أن يكونَ القرآنُ من كلامِ رسولِ الله، وكانَ النبي صلَّى
الله عليه وسلَّم يتحدث مع أحَدِ العَربِ وكان الحوارُ ساخنًا، وكان النبي يدعوه
للإسلامِ وكان الآخرُ يتشاجر ويرفع صوته ورأسه وكان عنيفًا فَدَخَلَ رجلٌ، وكانَ
النبي منهمكًا ولم ينتبه النبي إليه، فقال الرجل لسيدنا محمد: أتهزأ بي يا ابن
قسورة العرب؟ وأنا كُبَّارةٌ بين قومي؟ إنَّ هذا لشيء عُجاب!
والآن دعوني أسألكم سؤالا: من أين أتى هذا
الرجل الجاهلي بمثل هذه الألفاظ، وهو رجل جاهلي، وأول مرة يأتي إلى النبي صلى الله
عليه وسلم، وإذا بهذه الكلمات الأربع موجودة في القرآن الكريم، وهي: (الاستهزاء –
قسورة – كُبارة – إن هذا لشيء عجاب)، ونستنتج من هذه القصة أن كل الكلام البديع
الذي قاله العرب أضاف له القرآن الكريم طبيعة خاصة؛ فابن قسورة العرب هو عبد
المطلب، وكان العرب يسمونه بقسورة العرب أي أسد العرب، والقرآن الكريم عندما يتكلم
عن القسورة فإنه يقول: ﴿فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾[المدثر:51]، بمعنى أن الحُمرَ
الوحشية تجري أمام الأسد، والله تعالى يضرب مثالاً لأصحابِ الضلالِ، وهكذا.