عند فك الخطوبة هل يجوز للعروس الشبكة؟
جزاكم الله خيراً أحبكم الله وأعزكم ونفع بكم ويسر لكم
هذه من القضايا شبه اليومية فيما يتعلق بفسخ الخطوبة أو فك الخطبة بين العروسين بين الخاطب أو المخطوبة، هناك مجموعة أمور ينبغى أن نركز عليها فى البداية قبل أن أعطى الحكم:
أولاً: فك الخطوبة لا يعتبر ضرراَّ فى حد ذاته وإنما الضرر هو ما يترتب على هذا الفسخ، أكان هذا الضرر أدبياً أم مالياً أن المخطوبة عطلت لمدة سنة أو سنتين أو ثلاث فحدث لها ضرر والعلماء قالوا: أن هذا يستوجب التعويض عن الضرر الذى لحق بها فالضرر، هذا له جانب مادى؛ لأنه عندما خطبها أتى أهلها بشىء من الجهاز كذا وكذا فترتب عليه خسارة مادية.
والأمر الثانى: فى غاية الأهمية إن الشبكة فى الإسلام تعتبر هبة أو هدية توقف العلماء عندها على رأيين: هل يجوز للإنسان عندما يعطى هبة أو هدية أن يتراجع عن هذه الهدية أو هذه الهبة؟ إذا تراجع عنها هل يستطيع أن يتقبل قول الحبيب صلوات الله وسلامه عليه (العائد فى هبته كالعائد فى قيئه) هذا الحديث بنى عليه الإمام أحمد بن حنبل قاعدة أساسية أصولية وهو أنه لا يجوز للخاطب أن يعود فى هبة، ولا فى هدية أى ما يسمى الشبكة؛ لأنه عطلها تعطيلاً أدبياً ومالياً.
الإمام مالك له رأى متوسط يقول : ينظر فى هذه الحالة هل هذا الفسخ كان من قبل الخاطب أو من قبل المخطوبة، ويتقرر إذا كان هذا هو الذى فسخ فليس له شىء وإذا كان هذا هو الذى رفض فإن له الأشياء المادية بخلاف الأشياء التى استهلكت وهذا مذهب المالكى.
أما أبو حنيفة رضى الله عنه والإمام الشافعى رضى الله عنه أيضاً فإنهما يتفقان على شىء أساسى وهو أن الخاطب إذا فسخ فإن الهدايا المالية التى أهداها إلى خطيبته تعود إليه دون أن ينظر أكان هو السبب فى الفسخ أم لا وبمجرد الفسخ تعود إليه وهما يتفقان على هذا لقوله صلوات الله عليه وسلامه:(الهبة لصاحبها ما يثبت منها) يثبت يعنى ينتفع أو لم يعطها غرض أخر.
بخلاف الزواج، وأحد أعطى لأخته، أعطى لأخيه، أثاب منهما لأنه أعطاهما صلة للرحم، أما إذا أعطاها لخطيبته فهو من باب التواصى والحث والسعى الأكيد الحثيث إلى الزواج.
والرأى الذى نرجحه من خلال هذه الآراء هو رأى الإمام مالك رضى الله عنه لأنه توسط بين جميع المذاهب وهو ينظر فيمن سعى إلى الفسخ فهل هو الذى سعى إلى فسخ الخطبة بعد أن تركها سنة أو سنتين أو ثلاث، ويقال إنها مخطوبة لفلان أم أنه تقدم أحد الناس بخلاف، أو ألمح إلى رغبته فى التقدم منها ولأجل هذا فإنه رفض فالإمام مالك عودنا حقيقة على ما يسمى بالفقه المعاصر رأيه هذا رأى معاصر وجميل جداً لماذا ؟
لأنه يلبى حاجيات الناس وينظر إلى كل حالة على حدة لا أستطيع أن أقول: إنها فتوى عامة هنا وإنما كل حالة لها ظروفها وربما تقدم إليها بعد هذا سافر وسفره هذا جعله فى غنى عنها تماماً، إذا هو لا ينظر إلى هذا المال لكنه عطلها هذا التعطيل وفى هذا يرى الإمام أحمد بن حنبل أنه ينبغى أن يعاقب عليه الخاطب معاقبة أدبية؛ لأنه ألحق بها ضرراً يسمى عند جمهور أهل العلم بالضرر الأدبى، وبالتالى فإن المسألة فيها نوعان من الضرر: ضرر أدبى، وضرر مالى ورأى الإمام مالك هو الأرجح فى هذه المسألة وهو الذى نأخذ به.